منهم: جرجيس   : 
هو رجل صالح أدرك بقايا من حواريي عيسى عليه السلام    . 
روى  محمد بن إسحاق  ، عن وهب  وغيره: أنه كان بالموصل  ملك جبار ، وكان جرجيس  رجلا صالحا من أهل فلسطين  فكتم إيمانه في عصبة معه يكتمون الإيمان قد أدركوا بقايا من الحواريين  ، وكان جرجيس  كثير المال عظيم الصدقة ، فدخل على  [ ص: 149 ] ملك الموصل  وقد نصب صنما ، وأوقد نارا ، وعرض الناس ، فمن لم يسجد للصنم ألقاه في النار . 
فقال له جرجيس   : اعلم أنك عبد مملوك ولا تملك لنفسك شيئا ولا لغيرك ، وأن فوقك ربا هو الذي يملكك وغيرك ، وإنك عمدت إلى خلق من خلقه لا يبصر ولا يسمع فجعلته فتنة للناس ، فأمر الملك بخشبة فنصبت ، وجعل عليها أمشاط الحديد ، وجر عليها حتى تقطع لحمه ، ونضح بالخل والخردل ، فلم يمت ، فضرب في رأسه بمسامير من حديد فلم يمت ، فألقاه في لوح من نحاس قد أوقدوا عليه فلم يمت ، فقالوا له: ألم تجد ألم هذا العذاب ؟ قال: إن ربي حمل عني عذابك وصبرني ليحتج عليك ، فخفه على نفسك وملكك . 
فسجنه وضرب في يديه أوتادا من حديد ، وترك عليه صخرة ، فأرسل الله إليه ملكا فخلصه من ذلك ، وقال له: الحق بعدوك وجاهده في الله حق جهاده ، فإن الله يقول لك اصبر وأبشر ، فإني قد ابتليتك بعدوك هذا سبع سنين يعذبك ويقتلك فيهن أربع مرات ، وأرد إليك روحك ، فإذا كانت الرابعة نقلت روحك وأوفيتك أجرك . 
فلم يشعروا إلا به على رءوسهم ، فقال له الملك: من أخرجك ؟ قال: أخرجني الذي سلطانه فوق سلطانكم . فمدوه بين خشبتين وقطعوه نصفين ، ثم قطعوه قطعا ورموا به إلى أسد ضارية ، فلما أدركه الليل جمعه الله عز وجل ورد إليه روحه ، وأرسل الله إليه ملكا فأطعمه وسقاه وأخرجه ، وقال: الحق بعدوك فجاهده ، فإذا به على رءوسهم ، فقالوا: هذا ساحر ، ثم سألوه آيات فأظهرها ، ثم قتلوه فعاد حيا ، فآمنت به امرأة الملك وأربعة وثلاثون ألفا ، ثم قتلوه فلم يعد .  [ ص: 150 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					