36 – حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف   : 
أمه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة ،  وكان له من الولد يعلى ،  وبه كان يكنى ، وعامر ،  وعمارة   [وقد كان يكنى به] أيضا ، وأمامة  التي اختصم فيها  علي  وجعفر  وزيد ،  وكان ليعلى  أولاد درجوا فلم يبق لحمزة  عقب . 
أخبرنا محمد بن أبي طاهر ،  قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ،  قال: أخبرنا  أبو عمر بن حيويه ،  قال: أخبرنا أحمد بن معروف ،  قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ،  قال: حدثنا محمد بن سعد ،  قال: أخبرنا  موسى بن إسماعيل ،  قال: أخبرنا  حماد بن سلمة ،  عن عمار بن أبي عمار   : أن حمزة  سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يريه جبريل  عليه السلام في صورته ، فقال: "إنك لا تستطيع [أن تراه] " قال: بلى ، قال: "فاقعد [مكانك] " ، فنزل جبريل  على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا في البيت ، فقال: ارفع  [ ص: 179 ] طرفك فانظر ، فنظر فإذا قدماه مثل الزبرجد الأخضر ، فخر مغشيا عليه . قال علماء السير: أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزة ،  وآخى بينه وبين  زيد بن حارثة ،  وإليه أوصى حمزة  حين حضر القتال يوم أحد  وقتله وحشي يومئذ وشق بطنه وأخذ كبده وجاء بها إلى هند بنت عتبة ،  فمضغتها ثم لفظتها ، ثم جاءت فمثلت بحمزة ، وجعلت من ذلك مسكتين ومعضدتين وخدمتين حتى قدمت بذلك مكة   . 
ودفن حمزة  وعبد الله بن جحش  في قبر واحد ،  وحمزة  خال عبد الله ،  ونزل في قبر حمزة  أبو بكر   وعمر  وعلي  والزبير ،  ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على حفرته . 
أخبرنا يحيى بن علي المدبر ،  قال: أخبرنا عبد الصمد بن المأمون ،  قال: أخبرنا  الدارقطني ،  قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن حمدون ،  قال: أخبرنا محمد بن يحيى الأزدي ،  قال: أخبرنا جحش بن المثنى ،  قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ،  عن عبد الله بن الفضل ،  عن  سليمان بن يسار ،  عن جعفر بن عمرو الضمري ،  قال: 
خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار  إلى الشام  فلما قدمنا حمص ،  قال لي عبيد الله: هل لك في وحشي نسأله عن قتل حمزة؟ قلت: نعم ، وكان وحشي يسكن حمص ،  فجئنا حتى وقفنا عليه فسلمنا فرد السلام وعبيد الله معتمر بعمامته ما يرى منه إلا عيناه ورجلاه ، فقال عبيد الله: يا وحشي أتعرفني؟ فنظر إليه ثم قال: لا والله إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار  تزوج امرأة فولدت له غلاما فاسترضعته فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه فكأني نظرت إلى قدميه ، فكشف عبيد الله وجهه ، ثم قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟  فقال: نعم ، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي  ببدر ،  فقال لي  جبير بن مطعم:  إن قتلت حمزة  بعمي فأنت حر ، فلما خرج الناس عام عينين   - قال: وعينين جبل تحت أحد  بينه وبينه واد - فخرجت مع الناس إلى القتال ، فلما أن اصطفوا للقتال خرج سباع ، فقال: هل من مبارز؟ فخرج إليه حمزة ، فقال: يا سباع يا ابن [أم] أنمار مقطعة البظور ، أتحارب الله ورسوله ، ثم شد عليه وكان كأمس الذاهب ، وكمنت لحمزة تحت صخرة حتى مر علي ، فلما دنا مني رميته بحربتي فأضعتها في ثنيته حتى دخلت  [ ص: 180 ] بين وركيه ، وكان ذلك آخر العهد به ، فلما رجع الناس [إلى مكة   ] رجعت معهم ، فأقمت بمكة  حتى فشا فيها الإسلام ثم خرجت إلى الطائف ،  فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ، فقالوا: إنه لا يهيج الرسل . قال: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآني قال: "أنت وحشي" ؟ قلت: نعم ، قال: "أنت قتلت حمزة؟" قلت: قد كان من الأمر ما بلغك يا رسول الله ، قال: "أما تستطيع أن تغيب وجهك عني"  . قال: فرجعت ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مسيلمة الكذاب ،  قلت: لأخرجن إلى مسيلمة  لعلي أقتله فأكافئ به حمزة ، فخرجت مع الناس وكان من أمرهم ما كان . 
قال: وإذا رجل قائم في ثلمة جدار كأنه جمل أورق ثائر رأسه . [قال]: فأرميه بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه ، قال: ودب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته . 
قال عبيد الله بن الفضل ،  فأخبرني  سليمان بن يسار ،  أنه سمع  عبد الله بن عمر  يقول: فقالت جارية على ظهر بيت: وا أمير المؤمنين ، قتله العبد الأسود . 
[انفرد بإخراجه  البخاري   . 
أخبرنا هبة الله بن محمد الكاتب ،  قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي ،  قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك ،  قال: حدثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل ،  قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ،  حدثنا  عبد الرحمن بن أبي الزناد ،  عن هشام ،  عن عروة ،  قال: أخبرني  أبي الزبير   : 
أنه لما كان يوم أحد  أقبلت امرأة تسعى حتى إذا كادت أن تشرف على القتلى قال: 
فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تراهم ، فقال: المرأة المرأة ، قال الزبير: فتوسمت أنها أمي صفية ، فخرجت أسعى إليها ، فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى ، قال: فلزمت في صدري ، وكانت امرأة جلدة ، قالت: إليك لا أم لك ، قال: فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك ، قال: فوقفت وأخرجت ثوبين معها ، فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي  [ ص: 181 ] حمزة ، فقد بلغني مقتله ، فكفنوه فيهما ، قال: فجئت بالثوبين لنكفن فيهما حمزة ، فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل قد فعل به كما فعل بحمزة ، قال: فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين ، والأنصاري لا كفن له ، فقلنا: لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب ، فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر ، فأقرعنا بينهما فكفنا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له]  . 
أخبرنا محمد بن ناصر  ، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الله بن عبد الجبار ،  قال: أخبرنا أبو الحسن بن المهتدي ،  قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الفضل بن المأمون ،  قال: حدثنا  أبو بكر الأنباري ،  قال: أخبرنا أحمد بن الهيثم بن خالد ،  قال: أخبرنا إبراهيم بن المهتدي ،  أخبرنا  يحيى بن زكريا ،  عن  هشام بن عروة ،  عن أبيه ، عن الزبير ،  قال: 
لما انصرف المشركون يوم أحد  وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ناحية [القتلى] فجاءت امرأة تؤم القتلى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرأة المرأة ، فدنوت منها فتوسمتها فإذا هي صفية ، فقلت لها: يا أماه ارجعي فلزمت صدري وقالت: لا أم لك ، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزم عليك ، فأخرجت ثوبين وقالت: كفنوا أخي في هذين الثوبين ، فنظرنا إلى جانب حمزة رجلا من الأنصار وليس له كفن ، فرأينا غضاضة علينا أن نكفن حمزة في ثوبين والأنصاري ليس له كفن ، وكان أحد  الثوبين أوسع من الآخر ، فأقرعنا بينهما وكفنا كل واحد في الثوب الذي صار له . 
أخبرنا محمد بن أبي طاهر  ، قال: أخبرنا الجوهري ،  قال: أخبرنا  ابن حيويه ،  قال: أخبرنا ابن معروف ،  قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ،  قال: حدثنا محمد بن سعد ،  قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس ،  قال: أخبرنا  أبو بكر بن عياش ،  عن يزيد ،  عن مقسم ،  عن  ابن عباس ،  قال: لما قتل حمزة  يوم أحد  أقبلت صفية تطلبه لا تدري ما صنع ، فلقيت عليا   والزبير ،   [ ص: 182 ] فقال  علي   للزبير   : اذكر لأمك ، قال  الزبير:  لا بل اذكر أنت لعمتك ، قالت: ما فعل حمزة؟  قال: فأرياها أنهما لا يدريان ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: "إني أخاف على عقلها" فوضع يده على صدرها ودعا لها فاسترجعت وبكت ، ثم جاء فقام عليه وقد مثل به ، فقال:  "لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع"  قال: ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم ، قال: فيضع تسعة وحمزة فيكبر عليهم ثم يرفعون ويترك حمزة ، ثم يجاء بغيرهم حتى فرغ منهم . 
قال محمد بن سعد   : وأخبرنا عبد الله بن نمير ،  قال: أخبرنا زياد بن المنذر ،  عن أبي جعفر ،  قال: كانت فاطمة  تأتي قبر حمزة  فترمه وتصلحه . 
[أخبرنا إسماعيل بن أحمد ،  ويحيى بن الحسن ،  وأحمد بن محمد الطوسي  في آخرين ، قالوا: أخبرنا أبو الحسين بن النقور ،  حدثنا عيسى بن علي ،  أخبرنا البغوي ،  حدثنا محمد بن جعفر الوركاني ،  حدثنا سعيد بن ميسرة ،  عن  أنس ،  قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة كبر عليها أربعا ، وإنه كبر على حمزة  سبعين تكبيرة   . 
أخبرنا القزاز ،  أخبرنا عبد العزيز بن علي الحربي ،  حدثنا  المخلص ،  حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ،  حدثنا بشر بن الوليد الكندي ،  حدثنا  صالح المري ،  حدثنا سليمان التيمي ،  عن أبي عثمان النهدي ،  عن  أبي هريرة   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة  حين استشهد فنظر إلى شيء لم ينظر إلى شيء قط كان أوجع لقلبه منه ، ونظر إليه قد مثل به ، فقال: رحمة الله عليك ، فإنك كنت ما علمت فعولا للخيرات وصولا للرحم ، ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أفواه شتى ، أما والله مع ذلك لأمثلن بسبعين منهم مكانك ، فنزل جبريل   [ ص: 183 ] والنبي صلى الله عليه وسلم واقف يعد خواتيم النحل: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به  إلى آخر السورة ، فصبر النبي صلى الله عليه وسلم وأمسك عما أراد . 
أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر ،  قال: أخبرنا الجوهري ،  أخبرنا  ابن حيويه ،  أخبرنا ابن معروف ،  أخبرنا الحسين بن الفهم ،  حدثنا محمد بن سعد ،  أخبرنا شهاب بن عباد ،  حدثنا عبد الجبار بن ورد ،  عن الزبير ،  عن  جابر ،  قال: لما أراد  معاوية  أن يجري عينه التي بأحد كتبوا إليه: إنا لا نستطيع أن نجريها إلا على قبور الشهداء ، فكتب: انبشوهم ، فقال: فرأيتهم يحملون على أعناق الرجال كأنهم قوم نيام ، وأصابت المسحاة طرف رجل حمزة  ، فانبعثت دما] . 
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ،  قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي ،  قال: أخبرنا  المخلص ،  قال: أخبرنا البغوي  ، قال: حدثنا  عبد الأعلى بن حماد  ، قال: حدثنا عبد الجبار بن الورد  ، قال: سمعت  أبا الزبير  يقول: سمعت  جابر بن عبد الله  يقول: 
كتب  معاوية  إلى عامله بالمدينة  أن يجري عينا إلى أحد ، فكتب إليه عامله: إنها لا تجري إلا على قبور الشهداء ، قال: فكتب إليه أن أنفذها ، قال: فسمعت  جابر بن عبد الله  يقول: فرأيتهم يخرجون على رقاب الرجال كأنهم رجال نوم حتى أصابت المسحاة قدم حمزة  فانبعث دما . 
37 - حسيل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة   : 
وجروة  هو الذي يقال له اليمان ، لأنه حالف اليمانية ،  وحسيل أبو حذيفة ،  خرج هو  وحذيفة  يريدان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل غزاة بدر  فلقيهما المشركون فقالوا: إنكما تريدان محمدا ،  فقالا: ما نريد إلا المدينة ،  فأخذوا عليهما عهد الله وميثاقه أن لا يقاتلا مع محمد ، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه ، وقالا: إن شئت قاتلنا معك ، فقال: بل نفي  [ ص: 184 ] بعهدهم ونستعين الله عليهم ، وشهدا غزاة أحد ،  فالتقت سيوف المسلمين على حسيل  وهم لا يعرفونه ، فجعل  حذيفة  يقول: أبي أبي ،  فلم يفهموا حتى قتل ، فتصدق حذيفة بدمه على المسلمين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					