ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر 
232 -  عمر بن الخطاب 
 جرحه أبو لؤلؤة -واسمه: فيروز    - فبقي ثلاثا يصلي في ثيابه التي جرح فيها ، وتوفي فصلى عليه  صهيب   . وولد  لعلي بن أبي طالب  ليلة مات  عمر  رضي الله ولد فسماه  عمر .  وولد  لعثمان  تلك الليلة ولد فسماه  عمر .  وولد لعبيد الله بن معمر التيمي  ولد فسماه  عمر   . 
[أخبرنا الأول قال: أخبرنا  ابن المظفر  قال: أخبرنا ابن أعين ،  قال: حدثنا  الفربري  قال: حدثنا  البخاري ،  قال: حدثنا  موسى بن إسماعيل ،  قال: حدثنا  أبو عوانة ،  عن حصين] ،  عن عمرو بن ميمون  قال: [إني] لقائم ما بيني وبين  عمر  إلا  ابن عباس  غداة أصيب ، فكان إذا مر بين الصفين قال: استووا . حتى إذا لم ير فيهن ظلا تقدم ، فكبروا ، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى ، حتى يجتمع الناس ، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني -أو: أكلني- الكلب ، حين طعنه ، فطار العلج بسكين ذات طرفين ، لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه ، حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة . فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا ، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه . وتناول  عمر  يد  عبد الرحمن بن عوف  فقدمه ، فمن يلي عمر ، فقد رأى الذي أرى ، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله ، سبحان الله . فصلى بهم عبد الرحمن  صلاة خفيفة ، فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس ، انظر من قتلني؟ فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة . قال: الصنع؟ قال: نعم . قال: قاتله الله ، لقد أمرت به معروفا ، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام . 
قال: فانطلقنا معه ، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ . فقائل يقول: لا بأس  [ ص: 330 ] وقائل يقول: أخاف عليه . فأتي بنبيذ فشربه ، فخرج من جوفه ، ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جرحه ، فعلموا أنه ميت . فدخلنا عليه ، وجاء الناس [فجعلوا] يثنون عليه . وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك ، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقدم في الإسلام ما قد علمت ، ثم وليت فعدلت ، ثم شهادة . قال: وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي . فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض ، قال: ردوا علي الغلام . قال: يا ابن أخي ، ارفع ثوبك ، فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك . يا عبد الله بن عمر ، انظر ما علي من الدين . فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوه . قال: إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم ، وإلا فسل في بني عدي بن كعب ، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ، ولا تعدهم إلى غيرهم ، فأد عني هذا المال . انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل لها: إن عمر يقرأ عليك السلام ، ولا تقل: أمير المؤمنين ، فإني اليوم لست للمؤمنين أميرا - وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه . فمضى ، فسلم واستأذن ، ثم دخل عليها ، فوجدها قاعدة تبكي ، فقال: عمر يقرأ عليك السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه ، فقالت: [كنت] أريده لنفسي ، ولأوثرنه به اليوم على نفسي ، فلما أقبل ، قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء . قال: ارفعوني . فأسنده رجل إليه ، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين ، إنها قد أذنت . قال:  [ ص: 331 ] 
الحمد لله ، ما كان [من] شيء أهم إلي من ذلك ، فإذا أنا قبضت فاحملوني ، ثم سلم فقل: يستأذن عمر بن الخطاب ، فإن أذنت لي فأدخلوني ، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين . 
وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها ، فلما رأيناها قمنا ، فولجت عليه فبكت عنده ساعة ، واستأذن الرجال ، فولجت داخلا لهم ، فسمعنا بكاءها من الداخل ، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين ، استخلف . قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر -أو الرهط- الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنهم راض . فسمى عليا ، وعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وسعدا ، وعبد الرحمن ، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر ، وليس له من الأمر شيء -كهيئة التعزية [له]- فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك ، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر ، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة . وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين ، أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم حرمتهم . وأوصيه بالأنصار خيرا ، الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ، أن يقبل من محسنهم ، وأن يجاوز عن مسيئهم ، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا ، فإنهم ردء الإسلام ، وجباة المال وغيظ العدو ، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم . وأوصيه بالأعراب خيرا ، فإنهم أصل العرب ، ومادة الإسلام ، أن يؤخذ من حواشي أموالهم ، ويرد على فقرائهم . 
وأوصيه بذمة الله وذمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أن يوفي لهم بعهدهم . وأن يقاتل من ورائهم ، ولا يكلفوا إلا طاقتهم . 
فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم  عبد الله بن عمر ،  قال: يستأذن  عمر بن الخطاب .  قالت: أدخلوه ، فأدخل ، فوضع هنالك مع صاحبيه . فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط . فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم . فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي . فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان ، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف . فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر  [ ص: 332 ] فنجعله إليه ، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان . فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي والله علي أن لا آلو عن أفضلكم؟ 
قالا: نعم . فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت ، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن . ثم خلا بالآخر فقال مثل ذلك . فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان ، فبايعه ، فبايع له علي ، وولج أهل الدار فبايعوه . أخرجه البخاري . 
ولما مات عمر قدم الطعام بين أيدي الناس على عادتهم فامتنعوا لموضع حزنهم ، فابتدأ العباس .   
[أخبرنا  ابن الحصين  قال: أخبرنا  ابن غيلان  قال: أخبرنا  أبو بكر الشافعي  قال: حدثنا موسى بن يونس بن موسى  قال: حدثنا  سليمان بن حرب  قال: حدثنا  حماد بن سلمة ،  عن علي بن زيد ،  عن الحسن] ،  عن  الأحنف بن قيس  قال: سمعت  عمر بن الخطاب  يقول: إن قريشا رؤساء الناس ، لا يدخلون بابا إلا فتح الله عليهم منه خيرا .  فلما مات عمر واستخلف صهيب على إطعام الناس ، وحضر الناس وفيهم العباس ، فأمسك الناس بأيديهم عن الأكل ، فحسر عن ذراعيه وقال: يا أيها الناس ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مات فأكلنا ، وإن أبا بكر مات فأكلنا ، وإنه لا بد من الأكل . فضرب بيده ، وضرب القوم بأيديهم . فعرف قول عمر: إن قريشا رؤساء [الناس] .  [ ص: 333 ] 
233 - قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر ، أبو عبد الله الأنصاري  رضي الله عنه 
شهد بدرا  وأحدا ،  وأصيبت عينه يومئذ ، فسالت على وجنتيه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله ، إن عندي امرأة أحبها ، وإن هي رأت عيني خشيت أن تقذرني فردها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده ، فاستوت ورجعت ، وكانت أقوى عينيه وأصحهما بعد أن كبر . 
وشهد الخندق  والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت معه راية بني ظفر  يوم الفتح . 
وتوفي في هذه السنة ، وهو ابن خمس وستين سنة ، وصلى عليه عمر ، ونزل في قبره أخوه لأمه  أبو سعيد الخدري .  رضي الله عنهم أجمعين .  [ ص: 334 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					