[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
ثم دخلت سنة تسع وعشرين 
فمن الحوادث فيها [عزل أبي موسى  عن البصرة   ] 
أن عثمان  رضي الله عنه عزل أبا موسى  عن البصرة   ، وولى عبد الله بن عامر بن كرز  وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة . أخبرنا محمد بن الحسين  ، وإسماعيل بن أحمد  ، قالا: أخبرنا ابن النقور  ، أخبرنا  المخلص  ، أخبرنا أحمد بن عبد الله  ، أخبرنا السري بن يحيى  ، أخبرنا شعيب  ، حدثنا سيف  ، عن محمد   وطلحة  ، قالا: لما ولي  عثمان بن عفان  أقر أبا موسى  على البصرة  ثلاث سنين ، وعزله في الرابعة  ، وأمر على خراسان  عمير بن عثمان بن سعد  ، وعلى سجستان  عبد الله بن عمير الليثي  ، فأثخن فيها إلى كابل  ، وأثخن [ عمير  في خراسان  حتى بلغ فرغانة  ، فلم يدع دونها كورة إلا أصلحها ، وبعث إلى مكران  عبيد الله بن معمر التيمي  ، فأثخن] فيها حتى بلغ النهر   . وبعث إلى كرمان  عبد الرحمن بن غبيس  ، وبعث إلى فارس  والأهواز  نفرا ، وضم سواد البصرة  إلى الحصين بن [أبي] الحر  ، ثم عزل عبد الله بن عمير  ، واستعمل عبد الله بن عامر  فأقره عليها سنة ثم عزله ، واستعمل عاصم بن عمرو  ، 
 [ ص: 4 ]  [وعزل عبد الرحمن بن غبيس   ] ، وأعاد عدي بن سهيل بن عدي   . 
فلما كان في السنة الثالثة كفر أهل إيذج  والأكراد  ، فنادى أبو موسى  في الناس ، وحضهم وندبهم ، وذكر من فضل الجهاد  في الرجلة حتى حمل رجال على دوابهم ، وأجمعوا على أن يخرجوا رجالا . وقال آخرون: لا والله لا نعجل بشيء حتى ننظر ما صنيعه؟ فإن أشبه قوله فعله فعلنا كما فعل أصحابنا . 
فلما كان يوم خرج أخرج ثقلة من قصره على أربعين بغلا ، فتعلقوا بعنانه ، وقالوا: احملنا على بعض هذه الفضول ، وارغب من الرجلة فيما رغبتنا فيه ، فقنع القوم حتى تركوا دابته ومضوا ، فأتوا  عثمان بن عفان  ، فاستعفوه منه وقالوا: [ما كل ما نعلم نحب أن نقوله] ، فأبدلنا به ، فقال: من تحبون؟ فقال غيلان بن خرشة:   [في كل أحد عوض من هذا العبد الذي قد أكل أرضنا ، وأحيا أمر الجاهلية فينا ، فلا ننفك من أشعري كان يعظم ملكه عن الأشعريين  ، ويستصغر ملك البصرة  ، وإذا أمرت علينا صغيرا كان فيه عوض منه ، أو مهترا كان فيه عوض منه ، ومن بين ذلك من جميع الناس خير منه] . 
فدعا عبد الله بن عامر  ، فأمره على البصرة  ، وصرف عبيد الله بن معمر  إلى فارس  ، واستعمل على عمله عمير بن عثمان بن سعد  ، فجاشت فارس  ، وانتقضت بعبيد الله  ، فاجتمعوا له بإصطخر  ، فالتقوا على باب إصطخر  ، فقتل عبيد الله  وهزم جنده ، وبلغ الخبر عبد الله بن عامر  ، فاستنفر أهل البصرة  ، وخرج معه بالناس وعلى مقدمته  عثمان بن أبي العاص  ، فالتقى هو وهم بإصطخر  ، فقتل منهم مقتلة لم يزالوا منها في ذل ، وكتب بذلك إلى عثمان  رضي الله عنه .  [ ص: 5 ] 
وفي هذه السنة رجم عثمان  امرأة من جهينة  دخلت على زوجها فولدت له في ستة أشهر  ، فدخل عليه  علي  فقال: إن الله يقول: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا   . فأرسل في أثرها فإذا قد رجمت . قاله محمد بن حبيب   . 
وفي هذه السنة ضاق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم  على الناس ، فوسعه  عثمان بن عفان  رضي الله عنه  ، وابتدأ في بنائه في شهر ربيع الأول ، وكانت القصة تحمل إلى عثمان  من بطن نخل ، وبناه بالحجارة المنقوشة ، وجعل عمده من حجارة فيها رصاص ، وسقفه ساجا ، وجعل طوله ستين ومائة ذراع ، وعرضه خمسين ومائة ذراع ، وجعل أبوابه على ما كانت على عهد  عمر  رضي الله عنه ستة أبواب . 
ورأيت لأبي ألوفا بن عقيل  في ذكر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم  كلاما حسنا ، قال في قوله:  " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام   " قال: هذا يتعلق بمسجد الرسول  الذي في زمانه لا بما زيد فيه بعد . 
وفي هذه السنة حج عثمان  بالناس وضرب بمنى  فسطاطا ، وأتم الصلاة بها وبعرفة  ، قال: إني اتخذت بمكة  أهلا فصرت من أهلها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					