[ ص: 72 ]  438 - عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ، يكنى أبا العباس:  
وأمه لبابة بنت الحارث بن حرب الهلالية  أخت  ميمونة  زوج النبي صلى الله عليه وسلم . 
ولد بمكة  في شعب بني هاشم  قبل الهجرة بثلاث سنين ، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال:  "اللهم فقهه في الدين وعلمه الحكمة والتأويل" . وكان  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه يدنيه ويحضره مع شيوخ الصحابة وأهل بدر ويقول له: والله لإنك أصبح فتياننا وجها وأحسنهم عقلا ، وأفقههم في كتاب الله عز وجل . وكان يستشيره ويقول: غص غواص . وكان ابن مسعود يقول: لو أن  ابن عباس  أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد ، وقال: نعم ترجمان القرآن  ابن عباس .  
وقال  جابر بن عبد الله  حين مات  ابن عباس:  مات أعلم الناس ، وأحكم الناس . 
وقال  ابن الحنفية:  مات رباني هذه الأمة . 
وقال  مجاهد:  كان  ابن عباس  يسمى البحر من كثرة علمه . 
أخبرنا  ابن ناصر ،  قال: أخبرنا محمد بن أحمد ،  قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ،  قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة ،  قال: حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي ،  قال: حدثنا عبد الله بن عمر الجعفي ،  قال: حدثنا  يونس بن بكير ،  قال: حدثنا أبو حمزة الثمالي ،  عن أبي صالح ،  قال: لقد رأيت من  ابن عباس  مجلسا لو أن جميع قريش  فخرت به لكان لها فخرا ، رأيت الناس قد اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق ، فما كان أحد يقدر [على] أن يجيء  [ ص: 73 ] ولا أن يذهب ، قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه ، فقال لي: ضع [لي] وضوءا . قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج وقل لهم: من أراد أن يسأل عن القرآن وحروفه وما أراد منه فليدخل . قال: فخرجت فآذنتهم فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة ، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثل ما سألوا عنه أو أكثر . ثم قال: إخوانكم ، فخرجوا . 
ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن وتأويله فليدخل . قال: فخرجت فآذنتهم فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة ، فما سألوا عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثل ما سألوا عنه أو أكثر ، ثم قال: إخوانكم . قال: فخرجوا . 
ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الحلال والحرام والفقه فليدخل ، فخرجت فقلت لهم . قال: فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة ، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثل ما سألوه . ثم قال: إخوانكم قال: فخرجوا . 
ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل . قال: فخرجت فآذنتهم فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة ، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثل ما سألوه ، ثم قال: إخوانكم . قال: فخرجوا . 
ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر وكلام العرب فليدخل . قال: فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة ، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله . 
قال أبو صالح:  فلو أن قريشا  كلها فخرت بذلك لكان فخرا ، فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس . 
أخبرنا  ابن ناصر ،  قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد ،  قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي ،  قال: حدثنا أبو بكر بن مالك ،  قال: أخبرنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل ،  قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا إسماعيل يعني ابن علية ،  قال: أخبرنا صالح بن رستم ،  عن عبد الله بن أبي مليكة ،  قال:  [ ص: 74 ] صحبت  ابن عباس  من مكة  إلى المدينة  ، فكان إذا نزل قام شطر الليل يرتل ويكثر في ذلك التسبيح . 
قال أحمد:  وحدثنا معتمر ،  عن شعيب ،  عن أبي رجاء ،  قال: كان هذا الموضوع من  ابن عباس   -مجرى الدموع- كأنه الشرك البالي . 
أخبرنا  ابن الحصين ،  قال: أخبرنا الأمير أبو محمد المقتدري ،  قال: أخبرنا أبو العباس اليشكري ،  قال: أخبرنا  ابن دريد ،  قال: أخبرنا الحسن بن خضر ،  عن أبيه ، عمن حدثه عن سليمان بن عمر ،  عن رشدين بن كريب ،  عن أبيه ، أن  ابن عباس  كان يقول: ثلاثة لا أكافئهم: رجل ضاق مجلسي فأوسع لي ، ورجل كنت ظمآن فسقاني ، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف إلى بابي ، ورابع لا يقدر على مكافئته ولا يكافئه عني إلا الله عز وجل ، رجل حزبه أمر فبات ليلته ساهرا فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمدا غيري . 
قال: وكان يقول: إني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثرا من آثار بري . 
توفي  ابن عباس  بالطائف  سنة ثمان وستين ، ويقال: خمس وستين ، ويقال: أربع وستين . والأول أصح . 
وكان ابن إحدى وسبعين سنة . 
أخبرنا محمد بن عبد الباقي الحاجب ،  قال: أخبرنا  حمد بن أحمد ،  قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله ،  قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم ،  قال: حدثنا محمد بن سليمان البصري ،  قال: حدثنا حفص بن عمر الرملي ،  قال: حدثنا الفرات بن السائب ،  عن  ميمون بن مهران ،  قال:  [ ص: 75 ] شهدت جنازة  عبد الله بن عباس  بالطائف ،  فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه ، فالتمس فلم يوجد ، فلما سوي سمعنا صوتا ولم نر الشخص: يا أيتها النفس المطمئنة  ارجعي إلى ربك راضية مرضية  فادخلي في عبادي  وادخلي جنتي   [89: 27 - 30] . 
				
						
						
