المسألة الرابعة : هذا ثناء من الله تعالى على من أحب الطهارة ، وآثر النظافة ، وهي مروءة آدمية ، ووظيفة شرعية روى الترمذي  وصححه عن عائشة  أنها قالت : " مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم " . 
وفي الصحيح { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل معه الماء في الاستنجاء ، فكان يستعمل الحجارة تخفيفا ، والماء تطهيرا   } ، واللازم في نجاسة المخرج التخفيف ، وفي نجاسة سائر البدن أو الثوب التطهير ; وتلك رخصة من الله تعالى لعباده في حالتي وجود الماء وعدمه . 
وبه قال عامة العلماء . 
وقال ابن حبيب    : لا يستجمر بالأحجار إلا عند عدم الماء    . 
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم أولى . 
وقد بيناه في شرح الصحيحين ومسائل الخلاف . 
وأما إن كانت النجاسة على البدن أو الثوب  فلعلمائنا فيها ثلاثة أقوال :  [ ص: 586 ] فقال عنه  ابن وهب    : يجب غسلها بالماء في حالتي الذكر والنسيان ; وبه قال  الشافعي    . 
وقال  أشهب  عنه : ذلك مستحب غير واجب ; وبه قال  أبو حنيفة  في تفصيل الحالين جميعا . 
وقال ابن القاسم  عنه : يجب في حالة الذكر دون النسيان ; وهي من مفرداته . 
والدليل على الوجوب المطلق قوله تعالى { وثيابك فطهر    } ; فأمره الله بطهارة ثيابه حتى إن أتته العبادة وجدته على حالة مهيأة لأدائها . 
وقد قال قوم : إن الثياب كناية ، وذلك دعوى لا يلتفت إليها . 
واحتج  أبو حنيفة  على سقوط طهارتها بأن الاستنجاء لو كان واجبا لغسل بالماء ; فإن الحجر لا يزيله . 
قلنا : هذه رخصة من الله أمر بها ، وعفا عما وراءها . 
وأما الفرق بين حال الذكر والنسيان ففي مسائل الخلاف برهانه ، وهو متعلق بأن رفع المؤاخذة في سورة البقرة على ما بيناه في الخلافيات . 
المسألة الخامسة : بنى  أبو حنيفة  هذه المسألة على حرف ، فقال : إن النجاسة إذا كانت كثيرة وجبت إزالتها ، وإذا كانت قليلة لم تجب إزالتها ، وفرق بين القليل والكثير بقدر الدرهم البغلي يعني كبار الدراهم التي هي على قدر استدارة الدينار ، قياسا على المسربة . 
وهذا باطل من وجهين : أحدهما : أن المقدرات عنده لا تثبت قياسا ; ; فلا يقبل هذا التقدير منه . 
الثاني : أن هذا الذي خفف عنه في المسربة رخصة للضرورة والحاجة ، والرخص لا يقاس عليها ، فإنها خارجة عن القياس : فلا ترد إليه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					