[ ص: 66 ] المسألة السادسة : في حقيقة القول في الآية : إن المنادي لم يكن مالكا ، إنما كان نائبا عن يوسف  ورسولا له ، فشرط حمل البعير على يوسف  لمن جاء بالصواع وتحمل هو به عن يوسف  ، فصارت فيه ثلاث فوائد : الأول : الجعالة ، وهو عقد يتقدر فيه الثمن ولا يتقدر فيه الثمن . الثانية : الكفالة ، وهي هاهنا مضافة إلى سبب موجب على وجه التعليق بالشرط . وقد اختلف الناس فيها اختلافا متباينا تقريره في المسائل ; وهذا دليل على جوازه ، فإنه فعل نبي ، ولا يكون إلا شرعا . 
وقد اختلف الناس في الكفالة    ; فجوزها أصحاب  أبي حنيفة  محالة على سبب وجوب ; كقوله : ما كان لك على فلان فهو علي ، أو إذا أهل الهلال فلك علي عنه كذا ، بخلاف أن تكون معلقة بشرط محض ، كقوله : إن قدم فلان أو إن كلمت زيدا . وقال  الشافعي    : لا يجوز بشيء من ذلك وهذه الآية نص على جوازها ، محالة على سبب الوجوب . الثالثة : جهالة المضمون له : قال علماؤنا : هي جائزة ، وتجوز عندهم أيضا مع جهالة الشيء المضمون أو كليهما . 
ومن العجب أن  أبا حنيفة   والشافعي  اتفقا على أنه لا تجوز الكفالة مع جهالة المكفول له  ، وادعى أصحاب  أبي حنيفة  أن هذا الخبر منسوخ من الآية خاصة . وقال أصحاب  الشافعي    : هذه الآية دليل على جواز الجعل  ، وهي شرع من قبلنا ، وليس لهم فيه تعلق في مذهب . وقال أصحاب  الشافعي    : إن معرفة المضمون عنه والمضمون له  فيه ثلاثة أقوال : 
أحدها : أنه لا بد من معرفتهما ; أما معرفة المضمون عنه فليعلم هل هو أهل للإحسان أم لا ؟ وأما معرفة المضمون له فليعلم هل يصلح للمعاملة أم لا ؟ 
 [ ص: 67 ] الثاني : أنه افتقر إلى معرفة المضمون خاصة ; لأن المعاملة معه خاصة . 
الثالث : أنه لا يفتقر إلى معرفة واحد منهما ، وهو الصحيح ، لما ثبت { عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث  أبي قتادة  أنه ضمن عن الميت ولم يسأله النبي عن المضمون له ولا عن المضمون عنه   } . والآية نص في جهالة المضمون له ، وحمل جهالة المضمون عنه عليه أخف . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					