المسألة الخامسة : 
فصارت هذه بقعة مستثناة من قوله : { جعلت لي الأرض مسجدا ، وجعل ترابها طهورا   } ; فلا يجوز التيمم بها ، ولا الوضوء من مائها ، ولا الصلاة فيها . 
وقد روى الترمذي  وغيره عن  أبي سعيد الخدري  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام   } رواه الترمذي  وغيره . وهو حديث مضطرب .  [ ص: 110 ] وقد روى الترمذي  وغيره { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في سبعة مواطن    : المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، والحمام ، والطريق ، وظهر الكعبة  ، وأعطان الإبل   } . وذكر علماؤنا منها جملة ، وجماعها هذه الثمانية . 
التاسع : البقعة النجسة . 
العاشر : البقعة المغصوبة . 
الحادي عشر : أمامك جدار عليه نجس . الثاني عشر : الكنيسة . 
الثالث عشر : البيعة . 
الرابع عشر : بيت فيه تماثيل . 
الخامس عشر : الأرض المعوجة . 
السادس عشر : موضع تستقبل فيه نائما أو وجه رجل . 
السابع عشر : الحيطان . 
وقد قررنا ذلك في مسائل الخلاف وشرح الحديث ، ومن هذا ما منع لحق الغير ، ومنه ما منع لأجل النجاسة المحققة أو لغلبتها ، ومنه ما منع منه عبادة . فما منع منه لأجل النجاسة إن فرش فيه ثوب طاهر كالمقبرة والحمام فيها أو إليها ، فإن ذلك جائز في المدونة ، وذكر  أبو مصعب  عنه الكراهية ، وفرق علماؤنا بين المقبرة الجديدة والقديمة ، لأجل النجاسة إلا أن ينزل عليها ماء كثير ، والنهي عن المقبرة يتأكد إذا كانت للمشركين لأجل النجاسة وأنها دار عذاب كالحجر . 
وفي صحيح  مسلم    : { لا تجلسوا على القبور ولا يصلى إليها   } .  [ ص: 111 ] 
وفي صحيح الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم : { لعن الله اليهود  والنصارى  ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد   } يحذر مما صنعوا . 
وقال  مالك  في المجموعة : لا يصلى في أعطان الإبل ، وإن فرش ثوبا ، كأنه رأى لها علتين : الاستقذار بها وقفارها ، فتفسد على المصلي صلاته ، فإن كان واحدا فلا بأس به ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل في الحديث الصحيح . 
وقال  مالك    : لا يصلى على بساط فيه تماثيل  إلا من ضرورة . وكره ابن القاسم  الصلاة إلى قبلة فيها تماثيل  ، وفي الدار المغصوبة ، فإن فعل أجزأه . 
وذكر بعضهم عن  مالك  أن الصلاة في الدار المغصوبة  لا تجزئ . وذلك عندي بخلاف الأرض ; فإن الدار لا تدخل إلا بإذن ، والأرض وإن كانت ملكا فإن المسجدية فيها قائمة لا يبطلها الملك . 
وقد روى الترمذي    : { لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج   } . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					