وفيه أقوال : الأول : قال ابن وهب : أخبرني ابن أبي ذئب أنه سأل ابن شهاب عن الصواف ، فقال : يقيدها ثم يصفها .
وقال لي مالك بن أنس مثله . وقال : فينحرها قائمة ، ولا يعقلها ، إلا أن يضعف إنسان فيتخوف أن تتفلت بدنته ، فلا بأس بأن ينحرها معقولة ، وإن كان يقوى عليها فلينحرها قائمة مصفوفة يداها بالقيود .
قال : وسألت مالكا عن البدنة تنحر وهي قائمة هل تعرقب ؟ قال : ما أحب ذلك إلا أن يكون الإنسان يضعف عنها ، فلا يقوى عليها ، فيخاف أن تتفلت منه ، فلا أرى بأسا أن يعرقبها ، وهذه الأقوال الثلاثة للعلماء : الأول : يقيمها .
الثاني : يقيدها أو يعقلها .
الثالث : يعرقبها .
وزاد مالك أن يكون الأمر يختلف بحسب قوة الرجل وضعفه .
وروي عن بعض السلف مثله . والأحاديث الصحاح في ذلك ثلاثة : الأول : في نحرها مقيدة : في الصحيح عن ابن عمر أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته فنحرها قال : " ابعثها قياما مقيدة سنة محمد " . الثاني : في نحرها قائمة : في الصحيح عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بيده سبع بدن قياما } . [ ص: 293 ] وقد كان ابن عمر يأخذ الحربة بيده في عنفوان أيده فينحر بها في صدرها ويخرجها على سنامها ، فلما أسن كان ينحرها باركة لضعفه ، ويمسك معه رجل الحربة ، وآخر بخطامها .
والعقل بعض تقييد ، والعرقبة تعذيب لا أراه إلا لو ند ، فلا بأس بعرقبته .
المسألة السابعة : قوله تعالى : { فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها }
يعني سقطت على جنوبها ، يريد ميتة ، كنى عن الموت بالسقوط على الجنب ، كما كنى عن النحر والذبح بذكر اسم الله ، والكنايات في أكثر المواضع أبلغ من التصريح قال الشاعر :
لمعفر قهد ينازع شلوه غبس كواسب ما يمن طعامها
وقال آخر :فتركنه جزر السباع ينشنه ما بين قلة رأسه والمعصم


