المسألة الرابعة : قال علماؤنا في قوله : { أن تصيبهم فتنة    }  
فيه ثلاثة أقوال : الأول : الكفر . 
الثاني : العقوبة .  [ ص: 432 ] 
الثالث : بلية يظهر بها ما في قلوبهم من النفاق . 
وهذه الأقوال صحيحة كلها ، ولكن متعلقاتها مختلفة ، فهنالك مخالفة توجب الكفر ، وذلك فيما يتعلق بالعقائد ، وهنالك مخالفة هي معصية ، وذلك فيما يتعلق بأعمال الجوارح ، حسبما بيناه في كتب أصول الدين والرد على المخالفين من المبتدعة والملحدين ، ورتبنا منازل ذلك كله ، ومساقه ومتعلقه بدليله . 
وقد أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم الأزدي  ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي  ، أنبأنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوة  ، حدثنا جرهمي بن أبي العلاء  قال : سمعت  الزبير بن بكار  يقول : سمعت  سفيان بن عيينة  يقول : سمعت  مالك بن أنس  ، وأتاه رجل ، فقال : يا أبا عبد الله  ، من أين أحرم ؟ قال : من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : إني أريد أن أحرم من المسجد . فقال : لا تفعل . قال : إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر . قال : لا تفعل ، فإني أخشى عليك الفتنة . قال : وأي فتنة في هذا ؟ إنما هي أميال أزيدها . قال : وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إني سمعت الله يقول : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم    } وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { افترقت اليهود  والنصارى  على إحدى وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار ، إلا واحدة . قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي   } . 
والله الموفق للعصمة بالطاعة والمتابعة في الألفة ، فإن يد الله مع الجماعة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					