[ ص: 484 ] الآية العاشرة 
قوله تعالى : { قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين    } . 
فيها مسألتان . 
المسألة الأولى : قوله { سننظر أصدقت    } لم يعاقبه ; لأنه اعتذر له ، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، ولذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين . 
وكذلك يجب على الوالي أن يقبل عذر رعيته  ، ويدرأ العقوبة عنهم في ظاهر أحوالهم بباطن أعذارهم ، ولكن له أن يمتحن ذلك إذا تعلق به حكم من أحكام الشريعة ، كما فعل سليمان  ؟ فإنه لما قال له [ الهدهد ] : { إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم    } لم يستفزه الطمع ، ولا استجره حب الزيادة في الملك إلى أن يعرض له ، حتى قال : { وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله    } ، حينئذ غاظه ما سمع ، وطلب الانتهاء إلى ما أخبر ، وتحصيل علم ما غاب من ذلك ، حتى يغيره بالحق ، ويرده إلى الله تعالى . 
ونحو منه ما يروى أن  عمر بن الخطاب  سأل عن إملاص المرأة  ، وهي التي يضرب بطنها فتلقي جنينها ، فقال : أيكم سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئا ؟ قلت : أنا يعني  المغيرة بن شعبة  فقال : ما هو ؟ قلت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { فيه غرة عبد أو أمة   } . فقال : " لا تبرح حتى تجيء بالمخرج من ذلك " فخرجت ، فوجدت محمد بن مسلمة  ، فجئت به ، فشهد . وكان هذا تثبتا من  عمر  احتج به لنفسه . 
وأما المغيرة  فتوقف فيما قال لأجل قصة  أبي بكرة  ، وهذا كله مبين في أصول الفقه .  [ ص: 485 ] المسألة الثانية : لو قال له سليمان    : سننظر في أمرك لاجتزأ به ، ولكن الهدهد لما صرح له بفخر العلم ، { فقال أحطت بما لم تحط به    } صرح له سليمان  بأنه سينظر ، أصدق أم كذب فكان ذلك كفؤا لما قاله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					