الآية الثالثة 
قوله تعالى : { اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون    } . 
فيها أربع مسائل : 
المسألة الأولى : في قوله تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر     } قولان : 
أحدهما : ما دام فيها . 
والثاني : ما دام فيها وفيما بعدها . 
قال  ابن عباس    : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا   } . 
قال القاضي    : قال شيوخ الصوفية    : المعنى فيها أيضا أن من شأن المصلي أن ينهى  [ ص: 517 ] عن الفحشاء والمنكر ، كما من شأن المؤمن أن يتوكل على الله ، كما قال : { وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين    } . 
وكما لا يخرج المؤمن بترك التوكل على الله عن الإيمان كذلك لا يخرج المصلي عن الصلاة بأن صلاته قصرت عن هذه الصفة . 
وقال مشيخة الصوفية    : الصلاة الحقيقية ما كانت ناهية ، فإن لم تنهه فهي صورة صلاة لا معناها ، ومعنى ذلك أن وقوفه بين يدي مولاه ومناجاته له إن لم تدم عليه بركتها ، وتظهر على جوارحه رهبتها حتى يأتي عليه صلاة أخرى ، وهو في تلك الحالة ، وإلا فهو عن ربه معرض ، وفي حال مناجاته غافل عنه . 
المسألة الثانية : الفحشاء : 
الدنيا ، فتنهاه الصلاة عنها ، حتى لا يكون لغير الصلاة حظ في قلبه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : { وجعلت قرة عيني في الصلاة   } . 
وقيل : الفحشاء المعاصي ، وهو أقل الدرجات ، فمن لم تنهه صلاته عن المعاصي ولم تتمرن جوارحه بالركوع والسجود ، حتى يأنس بالصلاة وأفعالها أنسا يبعد به عن اقتراف الخطايا ، وإلا فهي قاصرة . 
المسألة الثالثة : المنكر : 
وهو كل ما أنكره الشرع وغيره ، ونهى عنه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					