المسألة الثانية قوله تعالى : { خليفة    } : قد بينا الخلافة ومعناها لغة ، وهو قيام الشيء مقام الشيء ; والحكم لله ، وقد جعله الله للخلق على العموم بقوله عليه السلام : { إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون   } وعلى الخصوص في قوله تعالى : { إني جاعل في الأرض خليفة    } وقوله تعالى : { يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض    } والخلفاء على أقسام : أولهم الإمام الأعظم ، وآخرهم العبد في مال سيده ، " قال النبي صلى الله عليه وسلم : { كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، والعبد راع في مال سيده ومسئول عن رعيته   } . 
بيد أن الإمام الأعظم لا يمكنه تولي كل الأمور بنفسه ، فلا بد من الاستنابة ، وهي على أقسام كثيرة    : أولها الاستخلاف على البلاد  ، وهو على قسمين : أحدهما أن يقدمه على العموم ، أو يقدمه على الخصوص ; فإن قدمه وعينه في منشوره وقف نظره حيث خص به ، وإن قدمه على العموم فكل ما في المصر يتقدم عليه ; وذلك في ثلاثة أحكام : الأول القضاء بين الناس ، فله أن يقضي ، وله أن يقدم من يقضي ، فإذا قدم للقضاء بين الناس والحكم بين الخلق  كان له النظر فيما فيه التنازع بين الخلق ، وذلك حيث تزدحم أهواؤهم ، وهي على ثلاثة أشياء : 
النفس ، والعرض ، والمال ، يفصل فيما تنازعهم ، ويذب عنهم من يؤذيهم ، ويحفظ من الضياع أموالهم بالجباية إن كانت مفرقة ، وبتفريقها على  [ ص: 50 ] من يستحقها إذا اجتمعت ، ويكف الظالم عن المظلوم . ويدخل فيه قود الجيوش ، وتدبير المصالح العامة هو الثالث . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					