المسألة الثانية : في هذه الآية عند علمائنا دليل على أن الحاكم لا يعمل على ظاهر أحوال الناس  ، وما يبدو من إيمانهم وصلاحهم حتى يبحث عن باطنهم ; لأن الله تعالى بين أن من الخلق من يظهر قولا جميلا وهو ينوي قبيحا . 
وأنا أقول : إنه يخاطب بذلك كل أحد من حاكم وغيره ، وإن المراد بالآية ألا يقبل أحد على ظاهر قول أحد حتى يتحقق بالتجربة ، ويختبر بالمخالطة أمره . 
فإن قيل : هذا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله   } . 
وفي رواية : { إنما أمرت بالظاهر والله يتولى السرائر   } . 
 [ ص: 202 ] فالجواب : أن هذا الحديث إنما هو في حق الكف عنه وعصمته ، فإنه يكتفى بالظاهر منه في حالته ، كما قال في آخر الحديث : { فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها   } . 
وأما في [ حديث ] حق ثبوت المنزلة بإمضاء قوله على الغير فلا يكتفى بظاهره حتى يقع البحث عنه ، ويختبر في تقلباته وأحواله . 
جواب آخر : وذلك أنه يحتمل أن هذا كان في صدر الإسلام حيث كان إسلامهم سلامتهم ; فأما وقد عم الناس الفساد فلا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					