الآية الثالثة قوله تعالى : { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم    }    . 
فيها ثلاث مسائل : المسألة الأولى الزقوم : كل طعام مكروه ، يقال : تزقم الرجل إذا تناول ما يكره . ويحكى عن بعضهم أن الزقوم هو التمر والزبد بلسان البربر  ، ويا لله ولهذا القائل وأمثاله الذين يتكلمون في الكتاب بالباطل وهم لا يعلمون ، المسألة الثانية روي أن  ابن مسعود  أقرأ رجلا طعام الأثيم فلم يفهمها ; فقال له : طعام الفاجر ، فجعلها الناس قراءة ، حتى روى  ابن وهب  عن  مالك  قال : أقرأ  ابن مسعود  رجلا  [ ص: 100 ] إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فجعل الرجل يقول : طعام اليتيم ، فقال له  عبد الله بن مسعود    : طعام الفاجر . فقلت  لمالك    : أترى أن يقول كذلك ؟ قال : نعم . 
وروى البصريون  عنه أنه لا يقرأ في الصلاة بما يروى عن  ابن مسعود    . وقال  ابن شعبان    : لم يختلف قول  مالك  إنه لا يصلى بقراءة  ابن مسعود  فإنه من صلى بها أعاد صلاته ; لأنه كان يقرأ بالتفسير . وقد بينا القول في حال  ابن مسعود  في سورة آل عمران ، ولو صحت قراءته لكانت القراءة بها سنة ، ولكن الناس أضافوا إليه ما لم يصح عنه ; فلذلك قال  مالك    : لا يقرأ بما يذكر عن  ابن مسعود    . 
والذي صح عنه ما في المصحف الأصلي . 
فإن قيل : ففي المصحف الأصلي قراءات واختلافات فبأي يقرأ ؟ قلنا : وهي : المسألة الثالثة بجميعها بإجماع من الأمة ، فما وضعت إلا لحفظ القرآن ، ولا كتبت إلا للقراءة بها ، ولكن ليس يلزم أن يعين المقروء به منها ، فيقرأ بحرف أهل المدينة  ، وأهل الشام  ، وأهل مكة  ، وإنما يلزمه ألا يخرج عنها ، فإذا قرأ آية بحرف أهل المدينة  ، وقرأ التي بعدها بحرف أهل الشام  كان جائزا ، وإنما ضبط أهل كل بلد قراءتهم بناء على مصحفهم ، وعلى ما نقلوه عن سلفهم ، والكل من عند الله . وقد بينا ذلك في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : { أنزل القرآن على سبعة أحرف  ، فاقرءوا منه ما تيسر   } . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					