الآية الرابعة قوله تعالى : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا    } . 
فيها مسألتان :  [ ص: 117 ] المسألة الأولى قوله تعالى : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق     } وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أنه يدخل مكة  ويطوف ، فأنذر أصحابة بالعمرة ، وخرج في ألف وأربعمائة من أصحابه ، ومائتي قرشي ، حتى أتى أصحابه ، وبلغ الحديبية  فصده المشركون وصالحوه أن يدخل مكة  من العام المقبل بسلاح الراكب بالسيف والفرس ، وفي رواية : بجلبان السلاح وهو السيف في قرابه ، فسميت عمرة القضية ، لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم من القضية ، وسميت عمرة القضاء ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاها من قابل . وسميت مرة عمرة القصاص لقوله تعالى : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص    } أي اقتصصتم منهم كما صدوكم : فارتاب المنافقون ، ودخل الهم على جماعة من الرفعاء من أصحابه ، فجاء  عمر بن الخطاب  إلى  أبي بكر الصديق  رضي الله عنهما ، فقال له : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه داخل البيت فمطوف به ، قال : نعم ، ولكن لم يقل العام ، وإنه آتيه فمطوف به . وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له مثل ما قال لأبي بكر  ، وراجعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمراجعة أبي بكر    . 
قال  عمر بن الخطاب    : فعملت لذلك أعمالا يعني من الخير كفارة لذلك التوقف الذي داخله حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقد صد عن البيت ، ولم تخرج رؤياه في ذلك العام . المسألة الثالثة فلما كان في العام القابل دخله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه آمنين فحلقوا وقصروا . 
وفي الصحيح أن  معاوية    { أخذ من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم على المروة  بمشقص   } وهذا كان في العمرة لا في الحج ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق في حجته ، وأقام بها ثلاثة أيام ، فلما انقضت الثلاث أراد أن يبني بميمونة  بمكة  فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبنى بها بسرف  ، وكذلك روى ابن القاسم  عن  مالك  في ذكر ميمونة  خاصة مما تقدم ذكره . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					