المسألة الثالثة قوله تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن    } : قد بينا في سورة البقرة شيئا من مسائل الرضاع ، ووضحنا أنه يكون تارة على الأم ، ولا يكون عليها تارة . 
وتحريره أن العلماء اختلفوا فيمن يجب عليه رضاع الولد  على ثلاثة أقوال : الأول : قال علماؤنا : رضاع الولد على الزوجة ما دامت الزوجية ، إلا لشرفها أو مرضها فعلى الأب حينئذ رضاعه في ماله . 
الثاني : قال  أبو حنيفة    [  والشافعي    ] : لا يجب على الأم بحال . 
الثالث : قال  أبو ثور    : يجب عليها في كل حال . 
ودليلنا قوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة    } وقد مضى في سورة البقرة أنه لفظ محتمل لكونه حقا عليها أو لها ، لكن العرف يقضي بأنه عليها ، إلا أن تكون شريفة ، وما جرى به العرف فهو كالشرط حسبما بيناه في أصول الفقه من أن العرف والعادة أصل من أصول الشريعة يقضى به في الأحكام [ والعادة ] إذا كانت شريفة ألا ترضع فلا يلزمها ذلك . فإن طلقها فلا يلزمها إرضاعه إلا  [ ص: 249 ] أن يكون غير قابل ثدي غيرها ، فيلزمها حينئذ الإرضاع ; أو تكون مختارة لذلك فترضع في الوجهين بالأجرة لقوله تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن    } . ويحقق ذلك قوله تعالى : { وائتمروا بينكم بمعروف    } وهي : المسألة الرابعة فالمعروف أن ترضع ما دامت زوجة إلا أن تكون شريفة ، وألا ترضع بعد الزوجية إلا بأجر . فإن قبل غيرها لم يلزمها ، وإن شاءت إرضاعه فهي أولى بما يأخذه غيرها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					