المسألة الثانية : في حقيقة التمني    : وهو نوع من الإرادة يتعلق بالمستقبل ، كالتلهف نوع منها يتعلق بالماضي . 
المسألة الثالثة : نهى الله سبحانه عن التمني ; لأن فيه تعلق البال بالماضي ونسيان الآجل ، ولأجل ما فيه من ذلك وقع النهي عنه ، وتفطن  البخاري  له فعقد له في جامعه كتابا فقال : كتاب التمني ، وأدخل فيه أبوابا ومسائل هناك ترى مستوفاة بالغة إن شاء الله تعالى . 
المسألة الرابعة : المراد هاهنا النهي عن التمني الذي تستحسنه عند الغير حتى ينتقل إليك ، وهو الحسد المنهي عنه مطلقا في غير هذا الموضع . أما أنه يجوز تمني مثله وهي الغبطة ، فيستحب الغبط في الخير    ; وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : { لا حسد إلا في اثنتين : رجل يتلو القرآن ، وآخر يعمل الحكمة ويعلمها   } . هذا معناه . قال : اعملوا ولا تتمنوا ، فليتكم قمتم بما أوتيتم ، واستطعتم ما عندكم . وأحسن عبارة في ذلك قول الصوفية    : كن طالب حقوق مولاك ولا تتبع متعلقات هواك .  [ ص: 527 ] وقال الحسن    : لا يتمنين أحد المال وما يدريه لعل هلاكه فيه . وهذا إنما يصح إذا تمناه للدنيا ، وأما إذا تمناه للخير فقد جوزه الشرع كما تقدم ; فيتمناه العبد ليصل به إلى الرب ويفعل الله ما يشاء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					