المسألة الرابعة : قوله تعالى : { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل     } :  [ ص: 572 ] قال ابن زيد    : قال أبي : هم السلاطين ، بدأ الله سبحانه بهم ; فأمرهم بأداء الأمانة فيما لديهم من الفيء ، وكل ما يدخل إلى بيت المال حتى يوصلوه إلى أربابه ، وأمرهم بالحكم بين الناس بالعدل ، وأمرنا بعد ذلك بطاعتهم ، فقال : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم    } . قال القاضي    : هذه الآية في أداء الأمانة  والحكم عامة في الولاية والخلق ; لأن كل مسلم عالم ، بل كل مسلم حاكم ووال . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين وهم الذين يعدلون في أنفسهم وأهليهم وما ولوا   } . 
وقال صلى الله عليه وسلم : { كلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع على الناس وهو مسئول عنهم ، والرجل راع في أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والعبد راع في مال سيده وهو مسئول عنه : ألا كلكم راع ومسئول عن رعيته   } . فجعل صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الصحيحة كل هؤلاء رعاة وحكاما على مراتبهم ، وكذلك العالم الحاكم فإنه إذا أفتى يكون قضى ، وفصل بين الحلال والحرام ، والفرض والندب ، والصحة والفساد ; فجميع ذلك فيمن ذكرنا أمانة تؤدى وحكم يقضى ، والله عز وجل أعلم . 
				
						
						
