الآية الرابعة والخمسون : 
قوله تعالى : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما    } . فيها ثلاث مسائل : 
المسألة الأولى : قال الأستاذ أبو بكر    : في هذه الآية دليل على جواز تكليف ما لا يطاق ، فإن الله سبحانه كلف الرجال العدل بين النساء  ، وأخبر أنهم لا يستطيعونه ، وهذا وهم عظيم ، فإن الذي كلفهم من ذلك هو العدل في الظاهر الذي دل عليه بقوله : { ذلك أدنى ألا تعولوا    } . وهذا أمر مستطاع ، والذي أخبر عنهم أنهم لا يستطيعونه لم يكلفهم قط إياه ; وهو النسبة في ميل النفس ; ولهذا { كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه في القسم ، ويجد نفسه أميل إلى  عائشة  في الحب ، فيقول : اللهم هذه قدرتي فيما أملك ، فلا تسألني في الذي تملك ولا أملك   } يعني قلبه ، والقاطع لذلك ، الحاسم لهذا الإشكال أن الله سبحانه قد أخبر بأنه رفع الحرج عنا في تكليف ما لا نستطيع فضلا ، وإن كان له أن يلزمنا إياه حقا وخلقا . 
المسألة الثانية : قال  محمد بن سيرين    : سألت عبيدة  عن هذه الآية فقال : هو الحب والجماع . وصدق ; فإن ذلك لا يملكه أحد ; إذ قلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن ، يصرفه  [ ص: 635 ] كيف يشاء . وكذلك الجماع قد ينشط للواحدة ما لا ينشط للأخرى  ، فإذا لم يكن ذلك بقصد منه فلا حرج عليه فيه ، فإنه مما لا يستطيعه فلم يتعلق به تكليف . 
المسألة الثالثة : قوله تعالى : { فلا تميلوا كل الميل     } : قال العلماء : أراد تعمد الإتيان ، وذلك فيما يملكه وجعل إليه ، من حسن العشرة والقسم والنفقة ونحوه من أحكام النكاح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					