المسألة التاسعة : ظاهر الآية يقتضي الوضوء على كل قائم إليها ، وإن كانت قد نزلت في النائمين ، وإياهم صادف الخطاب ، ولكنا ممن يأخذ بمطلق الخطاب ولا يربط الحكم بالأسباب ، وكذلك كنا نقول : إن الوضوء يلزم لكل قائم إلى الصلاة محدثا كان أو غير محدث  ، إلا أن  أنس بن مالك  روى : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة .  [ ص: 51 ] قلت : كيف كنتم تصنعون أنتم ؟ قال : كان يجزي أحدنا الوضوء ما لم يحدث   } . خرجه جميع الأئمة 
. وروى ابن أبي بردة  عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة ، فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد . فقال له  عمر    : فعلت شيئا لم تكن تفعله . فقال : عمدا فعلته   } . أخرجه  النسائي  وأبو داود  والترمذي    . فإن قيل : فهل يتكرر الحكم بتكرر الشرط أم لا ؟ فإن قلتم بتكرره أحلتم ، وإن قلتم لا يتكرر فما وجهه ؟ قلنا : من المتعجرفين من تكلف فقال : إنما يتكرر بتكرر العلة ، وهو الحدث . وهذا لا يصح ; فإن الحدث لا يوجب الطهارة لنفسه ، وإنما وجوب الصلاة يوجب الطهارة بشرط أن يكون المكلف محدثا ، فالحدث شرط في وجوب الطهارة  بوجوب الصلاة لا علته . والحكم علة للحكم شرعا ، وقد مهدنا ذلك في مسائل الخلاف وأصول الفقه . وقد أحدث بعض المبتدعة في الإسلام بدعة شنعاء ، فقال : إن المحدث لا يؤمر بالصلاة ، إنما يؤمر بالوضوء ، وعليه يثاب ، وعليه يعاقب ، ولا يتوجه عليه الأمر بالصلاة حتى يتوضأ . وهذا خرق لإجماع الأمة وهتك لحجاب الشريعة . وهذه الآية وأمثالها رد عليه إن أقر بثبوته ، وإن أنكره فإن من ينكر التوحيد مخاطب بتصديق الرسول ، ولا يصح ذلك منه إلا بعد توحيد الرب ، وهذا ما لا جواب لهم عنه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					