وهذا يدل على أن الاشتراك في قتل الصيد المحرم  يوجب على المشتركين كفارة واحدة لقضاء  عمر   وعبد الرحمن بن عوف  بشاة واحدة على رجلين ، وبه قال  الشافعي    . 
وقال  مالك   وأبو حنيفة    : على كل واحد منهم جزاء كامل ، وهي : المسألة السادسة والعشرون : وهي تنبني على أصلين : أحدهما : لغوي قرآني ، والآخر معنوي . أما اللغوي القرآني : فإن كل واحد من القاتلين للصيد قاتل نفسا على الكمال  [ ص: 189 ] والتمام ، بدليل قتل الجماعة بالواحد ; لأن كل واحد متلف نفسا على الكمال ومذهب روحا على التمام . ولولا ذلك ما وجب عليهم القصاص ، وقد قلنا بوجوبه إجماعا منا ومنهم فثبت ما قلنا . 
وأما المعنوي : فإن عندنا أن الجزاء كفارة ، وعند  الشافعي  أنه قيمة . وتحقيق القول في ذلك أن هذا الجزاء كفارة ومقابل للجناية ، وكل واحد جنى على إحرامه جناية كاملة ، وكل واحد منهم يسمى قاتلا ; والدليل على صحة ذلك كله أن الله سبحانه سمى الجزاء كفارة في كتابه . 
وأما كمال الجناية لكل واحد منهم على الإحرام فصحيح ; لأن كل واحد منهم ارتكب محظور إحرامه في قتل الصيد ، وسمي قاتلا حقيقة فوجب على كل واحد منهم جزاء . 
فإن قيل : إنه يقوم بقيمة الصيد ، ويلحظ فيه شبهه . ولو كان كفارة لاعتبر مطلقا من اعتبار ذلك كله ، كما في كفارة القتل ، فلما كان كذلك صار كالدية . قلنا : هذا باطل . والدليل عليه دخول الصوم عليه . ولو كان بدل متلف ما دخل الصيام عليه ، فإن الصيام إنما موضعه وموضوعه الكفارات ، لا أبدال المتلفات . 
جواب آخر : وذلك أنه إنما تقدر بقدر المحل ; لأن الجناية لها ، محل ، فيزيد بزيادته ، وينقص بنقصانه ، بخلاف كفارة الآدمي فإنه حد لا يتقدر حقيقة فيقدر كفارة . 
جواب ثالث : وذلك أن الجزاء لا يجوز إسقاطه ، والدية يجوز إسقاطها ، فدل على اختلافهما بالصفة والموضوع . 
جواب رابع : وذلك أن الذكر والأنثى يستوي في الجزاء ، ويختلف في الدية ، وقيمة الإتلاف ; فدل ذلك كله على الفرق بينهما ، وظهر أن ذلك من قول  الشافعي  ضعيف جدا . والله عز وجل أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					