المسألة الرابعة : في وجه عدم استوائه ووجوب تفاوته : إن الحرام يؤذي في الدين ، ويجب فسخه ورده ، والحلال ينفع ويجب إمضاؤه [ ويصح تنفيذه ] . قال الله تعالى : { أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار    } . وقال : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون    } وقال سبحانه وتعالى : { يمحق الله الربا ويربي الصدقات    } . فلا يعجبنك كثرة المال الربوي ، ونقصان المال بصدقته التي تخرج منه ; فإن الله يمحق ذلك الكثير في العاقبة ، وينمي المال الزكاتي بالصدقة ; وبهذا احتج من علمائنا من رأى أن البيع الفاسد  يفسخ ، ولا يمضى بحوالة سوق ، ولا بتغير بدن ; فيستوي في إمضائه مع البيع الصحيح ; بل يفسخ أبدا .  [ ص: 212 ] 
وقد احتج أيضا من زعم أن من اكترى قاعة إلى أمد فكمل أمده ، وقد بنى بها وأسس ، فأراد صاحب الأرض أن يخرجه  ، فإنه يدفع إليه قيمة بنائه قائما ، ولا يهدمه عليه ، كما يفعل بالغاصب إذا بنى في البقعة المغصوبة . 
ونظر آخرون إلى أن البيع إذا فسخ بعد الفوت  يكون فيه غبن على أحد المتعاقدين ولا عقوبة في الأموال . وكذلك إذا كمل أمد الباني فأي حجة له ، وهو يعلم أن البنيان إلى أمد  ، فإن صاحب العرصة سيحتاج إلى عرصته لمثل ما هي عليه من البناء أو لغيره ، فيحمله ذلك على أن يلزمه إخلاؤها مما شغلها به . وهذه كلها حقوق مرتبطة بحقائق وأدلة تتفق تارة وتفترق أخرى ، وتتباين تارة وتتماثل أخرى . 
وتحقيق ذلك على التفصيل في مسائل الخلاف . 
				
						
						
