قوله تعالى : وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم    . 
قوله تعالى : وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه   اختلف في سبب نزولها على ستة أقوال : الأول : أن  أبا ذر الغفاري  دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام بمكة  فأجاب ، واستجار به قومه فأتاه زعيمهم فأسلم ، ثم دعاهم الزعيم فأسلموا ، فبلغ ذلك قريشا  فقالوا : غفار  الحلفاء لو كان هذا خيرا ما سبقونا إليه ، فنزلت هذه الآية ، قاله أبو المتوكل    . 
الثاني : أن زنيرة  أسلمت فأصيب بصرها فقالوا لها : أصابك اللات والعزى ، فرد الله عليها بصرها . فقال عظماء قريش    : لو كان ما جاء به محمد  خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة  ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، قاله عروة بن الزبير    . 
 [ ص: 178 ] الثالث : أن الذين كفروا هم بنو عامر  وغطفان  وتميم  وأسد  وحنظلة  وأشجع  قالوا لمن أسلم من غفار  وأسلم  وجهينة  ومزينة  وخزاعة    : لو كان ما جاء به محمد  خيرا ما سبقتنا إليه رعاة البهم إذ نحن أعز منهم ، قاله الكلبي  والزجاج  ، وحكاه القشيري  عن ابن عباس    . 
الرابع : وقال قتادة    : نزلت في مشركي قريش  ، قالوا : لو كان ما يدعونا إليه محمد  خيرا ما سبقنا إليه بلال  وصهيب  وعمار  وفلان وفلان . 
الخامس : أن الذين كفروا من اليهود  قالوا للذين آمنوا يعني  عبد الله بن سلام  وأصحابه : لو كان دين محمد  حقا ما سبقونا إليه ، قاله أكثر المفسرين ، حكاه الثعلبي    . وقال مسروق    : إن الكفار قالوا لو كان خيرا ما سبقتنا إليه اليهود  ، فنزلت هذه الآية . 
وهذه المعارضة من الكفار في قولهم : لو كان خيرا ما سبقونا إليه  من أكبر المعارضات بانقلابها عليهم لكل من خالفهم ، حتى يقال لهم : لو كان ما أنتم عليه خيرا ما عدلنا عنه ، ولو كان تكذيبكم للرسول خيرا ما سبقتمونا إليه ، ذكره  الماوردي    . ثم قيل : قوله : ما سبقونا إليه  يجوز أن يكون من قول الكفار لبعض المؤمنين ، ويجوز أن يكون على الخروج من الخطاب إلى الغيبة ، كقوله تعالى : حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم 
 وإذ لم يهتدوا به  يعني الإيمان . وقيل : القرآن . وقيل : محمد  صلى الله عليه وسلم . فسيقولون هذا إفك قديم  أي لما لم يصيبوا الهدى بالقرآن ولا بمن جاء به عادوه ونسبوه إلى الكذب ، وقالوا هذا إفك قديم  ، كما قالوا : أساطير الأولين وقيل لبعضهم : هل في القرآن : من جهل شيئا عاداه ؟ فقال نعم ، قال الله تعالى : وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم  ومثله : بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه    . 
				
						
						
