واليوم الموعود  وشاهد ومشهود   قوله تعالى : واليوم الموعود  أي الموعود به . وهو قسم آخر ، وهو يوم القيامة ; من   [ ص: 245 ] غير اختلاف بين أهل التأويل . قال ابن عباس    : وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه . 
وشاهد ومشهود  اختلف فيهما ; فقال علي   وابن عباس   وابن عمر   وأبو هريرة    - رضي الله عنهم - : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة . وهو قول الحسن    . ورواه  أبو هريرة  مرفوعا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة   . . . " خرجه أبو عيسى الترمذي  في جامعه ، وقال : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة ،  وموسى بن عبيدة  يضعف في الحديث ، ضعفه يحيى بن سعيد  وغيره . وقد روى شعبة   وسفيان الثوري  وغير واحد من الأئمة عنه . قال القشيري  فيوم الجمعة يشهد على كل عامل بما عمل فيه . 
قلت : وكذلك سائر الأيام والليالي ; فكل يوم شاهد ، وكذا كل ليلة ; ودليله ما رواه  أبو نعيم الحافظ  عن معاوية بن قرة  عن معقل بن يسار  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ليس من يوم يأتي على العبد إلا ينادى فيه : يا بن آدم ، أنا خلق جديد ، وأنا فيما تعمل عليك شهيد ، فاعمل في خيرا أشهد لك به غدا ، فإني لو قد مضيت لم ترني أبدا ، ويقول الليل مثل ذلك   . حديث غريب من حديث معاوية ،  تفرد به عنه زيد العمي ،  ولا أعلمه مرفوعا . عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بهذا الإسناد . وحكى القشيري  عن ابن عمر  وابن الزبير  أن الشاهد يوم الأضحى . وقال  سعيد بن المسيب    : الشاهد : التروية ، والمشهود : يوم عرفة    . وروى إسرائيل  عن أبي إسحاق  عن الحارث  عن علي    - رضي الله عنه - : الشاهد يوم عرفة ،  والمشهود يوم النحر . وقاله  النخعي    . وعن علي  أيضا : المشهود يوم عرفة    . وقال ابن عباس   والحسين بن علي    - رضي الله عنهما - : المشهود يوم القيامة ; لقوله تعالى : ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود    . 
قلت : وعلى هذا اختلفت أقوال العلماء في الشاهد ، فقيل : الله تعالى ; عن ابن عباس  والحسن   وسعيد بن جبير ;  بيانه : وكفى بالله شهيدا  ، قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم    . وقيل : محمد    - صلى الله عليه وسلم - ; عن ابن عباس  أيضا  والحسين بن علي ;   [ ص: 246 ] وقرأ ابن عباس  فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا  ، وقرأ الحسين  يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا    . 
قلت : وأقرأ أنا ويكون الرسول عليكم شهيدا    . وقيل : الأنبياء يشهدون على أممهم ; لقوله تعالى : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد    . وقيل : آدم    . وقيل : عيسى ابن مريم ;  لقوله : وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم    . والمشهود : أمته . وعن ابن عباس  أيضا  ومحمد بن كعب    : الشاهد الإنسان ; دليله : كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا    . مقاتل    : أعضاؤه ; بيانه : يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون    . الحسين بن المفضل    : الشاهد هذه الأمة ، والمشهود سائر الأمم ; بيانه : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس    . وقيل : الشاهد : الحفظة ، والمشهود : بنو آدم . وقيل : الليالي والأيام . وقد بيناه . 
قلت : وقد يشهد المال على صاحبه ، والأرض بما عمل عليها ; ففي صحيح مسلم  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن هذا المال خضر حلو ، ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل - أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه من يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة   " . وفي الترمذي  عن  أبي هريرة  قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : يومئذ تحدث أخبارها  قال : " أتدرون ما أخبارها " ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول عمل يوم كذا كذا كذا وكذا . قال : فهذه أخبارها " . قال حديث حسن غريب صحيح . وقيل : الشاهد الخلق ، شهدوا لله - عز وجل - بالوحدانية . والمشهود له بالتوحيد هو الله تعالى . وقيل : المشهود يوم الجمعة ; كما روى أبو الدرداء  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة   . . . " وذكر الحديث . خرجه ابن ماجه  وغيره . 
 [ ص: 247 ] قلت : فعلى هذا يوم عرفة  مشهود ; لأن الملائكة تشهده ، وتنزل فيه بالرحمة . وكذا يوم النحر إن شاء الله . وقال أبو بكر العطار    : الشاهد الحجر الأسود ; يشهد لمن لمسه بصدق وإخلاص ويقين . والمشهود الحاج . وقيل : الشاهد الأنبياء ، والمشهود محمد    - صلى الله عليه وسلم - ; بيانه : ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة    - إلى قوله تعالى - وأنا معكم من الشاهدين    ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					