( وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون    ( 36 ) خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون   ( 37 ) ) . 
يقول تعالى لنبيه ، صلوات الله وسلامه عليه ، ( وإذا رآك الذين كفروا   ) يعني : كفار قريش  كأبي جهل  وأشباهه ( إن يتخذونك إلا هزوا   ) أي : يستهزئون بك وينتقصونك ، يقولون : ( أهذا الذي يذكر آلهتكم   ) يعنون : أهذا الذي يسب آلهتكم ويسفه أحلامكم ، قال تعالى : ( وهم بذكر الرحمن هم كافرون   ) أي : وهم كافرون بالله ، ومع هذا يستهزئون برسول الله ، كما قال في الآية الأخرى : ( وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا . إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا   ) [ الفرقان : 41 ، 42 ] . 
وقوله : ( خلق الإنسان من عجل   ) ، كما قال في الآية الأخرى : ( وكان الإنسان عجولا   ) [ الإسراء : 11 ] أي : في الأمور . 
قال مجاهد   : خلق الله آدم  بعد كل شيء من آخر النهار ، من يوم خلق الخلائق فلما أحيا الروح عينيه ولسانه ورأسه ، ولم يبلغ أسفله قال : يا رب ، استعجل بخلقي قبل غروب الشمس . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أحمد بن سنان ،  حدثنا  يزيد بن هارون ،  أنبأنا محمد بن علقمة بن وقاص الليثي ،  عن أبي سلمة ،  عن  أبي هريرة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " خير يوم طلعت فيه  [ ص: 343 ] الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم  وفيه أدخل الجنة ، وفيه أهبط منها ، وفيه تقوم الساعة ، وفيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلي - وقبض أصابعه قللها - فسأل الله خيرا ، إلا أعطاه إياه " . قال أبو سلمة   : فقال  عبد الله بن سلام   : قد عرفت تلك الساعة ، وهي آخر ساعات النهار من يوم الجمعة ، وهي التي خلق الله فيها آدم ،  قال الله تعالى : ( خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون   ) . 
والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هاهنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول ، صلوات الله [ وسلامه ] عليه ، وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت ، فقال الله تعالى : ( خلق الإنسان من عجل   ) ; لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، يؤجل ثم يعجل ، وينظر ثم لا يؤخر; ولهذا قال : ( سأوريكم آياتي   ) أي : نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني ، ( فلا تستعجلون   ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					