( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم    ( 26 ) ) 
قال ابن عباس   : الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من القول . والطيبات من القول ، للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من القول . قال : ونزلت في عائشة  وأهل الإفك . 
وهكذا روي عن مجاهد ،   وعطاء ،   وسعيد بن جبير ،   والشعبي ،   والحسن بن أبي الحسن البصري ،   وحبيب بن أبي ثابت ،  والضحاك   . واختاره ابن جرير ،  ووجهه بأن الكلام القبيح أولى بأهل القبح من الناس ، والكلام الطيب أولى بالطيبين من الناس ، فما نسبه أهل النفاق إلى عائشة  هم  [ ص: 35 ] أولى به ، وهي أولى بالبراءة والنزاهة منهم; ولهذا قال : ( أولئك مبرءون مما يقولون   ) . 
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم   : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء . 
وهذا - أيضا - يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم ، أي : ما كان الله ليجعل عائشة  زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة; لأنه أطيب من كل طيب من البشر ، ولو كانت خبيثة لما صلحت له ، لا شرعا ولا قدرا; ولهذا قال : ( أولئك مبرءون مما يقولون   ) أي : هم بعداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان ، ( لهم مغفرة   ) أي : بسبب ما قيل فيهم من الكذب ، ( ورزق كريم   ) أي : عند الله في جنات النعيم . وفيه وعد بأن تكون زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا محمد بن مسلم ،  حدثنا أبو نعيم ،  حدثنا عبد السلام بن حرب ،  عن يزيد بن عبد الرحمن ،  عن الحكم ،  عن يحيى بن الجزار  قال : جاء أسير بن جابر  إلى عبد الله  فقال : لقد سمعت الوليد بن عقبة  تكلم بكلام أعجبني . فقال عبد الله   : إن الرجل المؤمن يكون في قلبه الكلمة غير طيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها ، فيسمعها رجل عنده يتلها فيضمها إليه . وإن الرجل الفاجر يكون في قلبه الكلمة الطيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها ، فيسمعها الرجل الذي عنده يتلها فيضمها إليه ، ثم قرأ عبد الله :  ( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات   ) . 
ويشبه هذا ما رواه الإمام أحمد  في المسند مرفوعا :  " مثل الذي يسمع الحكمة ثم لا يحدث إلا بشر ما سمع ، كمثل رجل جاء إلى صاحب غنم ، فقال : أجزرني شاة . فقال : اذهب فخذ بأذن أيها شئت . فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم " وفي الحديث الآخر : " الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها أخذها " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					