باب ما جاء في الشهرة  
حدثنا أحمد بن عيسى المصري  ، حدثنا ابن وهب  ، عن عمر بن الحارث  وابن لهيعة  ، عن يزيد بن أبي حبيب  ، عن سنان بن سعد  ، عن أنس ،  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :  " حسب امرئ من  [ ص: 343 ] الشر - إلا من عصم الله - أن يشير الناس إليه بالأصابع في دينه ودنياه ، وإن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم "  . 
وروي مثله عن إسحاق بن البهلول  ، عن ابن أبي فديك  ، عن محمد بن عبد الواحد الأخنسي  ، عن عبد الواحد بن أبي كثير  ، عن  جابر بن عبد الله  مرفوعا ، مثله . 
وروي عن الحسن  مرسلا نحوه ، فقيل للحسن   : فإنه يشار إليك بالأصابع ؟ فقال : إنما المراد من يشار إليه في دينه بالبدعة وفي دنياه بالفسق . 
وعن علي ،  رضي الله عنه ، قال : لا تبدأ لأن تشتهر ، ولا ترفع شخصك لتذكر ، وتعلم واكتم ، 
واصمت تسلم ، تسر الأبرار ، وتغيظ الفجار . 
وقال  إبراهيم بن أدهم  ، رحمه الله : ما صدق الله من أحب الشهرة . 
وقال أيوب   : ما صدق الله عبده إلا سره ألا يشعر بمكانه . 
وقال محمد بن العلاء   : من أحب الله أحب ألا يعرفه الناس . 
وقال سماك بن سلمة   : إياك وكثرة الأخلاء . 
وقال  أبان بن عثمان   : إن أحببت أن يسلم لك دينك فأقل من المعارف; كان أبو العالية  إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة نهض وتركهم . 
وقال : حدثنا علي بن الجعد  ، أخبرنا شعبة ،  عن عوف ،  عن أبي رجاء  قال : رأى طلحة  قوما يمشون معه ، فقال : ذباب طمع ، وفراش النار . 
وقال ابن إدريس  ، عن هارون بن عنترة  ، عن سليم بن حنظلة  قال : بينا نحن حول أبي إذ علاه  عمر بن الخطاب  بالدرة وقال : إنها مذلة للتابع ، وفتنة للمتبوع . 
وقال ابن عون  ، عن الحسن   : خرج ابن مسعود  فاتبعه أناس ، فقال : والله لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ، ما اتبعني منكم رجلان . 
وقال حماد بن زيد   : كنا إذا مررنا على المجلس ، ومعنا أيوب ،  فسلم ، ردوا ردا شديدا ، فكان ذلك يغمه . 
وقال عبد الرزاق  ، عن معمر   : كان أيوب  يطيل قميصه ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن الشهرة فيما مضى كانت في طول القميص ، واليوم في تشميره . واصطنع مرة نعلين على حذو نعلي النبي صلى الله عليه وسلم ، فلبسهما أياما ثم خلعهما ، وقال : لم أر الناس يلبسونهما . 
وقال  إبراهيم النخعي   : لا تلبس من الثياب ما يشهر في الفقهاء ، ولا ما يزدريك السفهاء . 
وقال الثوري   : كانوا يكرهون من الثياب الجياد ، التي يشتهر بها ، ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم . والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ، ويستذل دينه . 
 [ ص: 344 ] وحدثنا خالد بن خداش   : حدثنا حماد ،  عن أبي حسنة - صاحب الزيادي -  قال : كنا عند أبي قلابة  إذ دخل عليه رجل عليه أكسية ، فقال : إياكم وهذا الحمار النهاق . 
وقال الحسن ،  رحمه الله : إن قوما جعلوا الكبر في قلوبهم ، والتواضع في ثيابهم ، فصاحب الكساء بكسائه أعجب من صاحب المطرف بمطرفه ، ما لهم تفاقدوا . 
وفي بعض الأخبار أن موسى ،  عليه السلام ، قال لبني إسرائيل   : ما لكم تأتوني عليكم ثياب الرهبان ، وقلوبكم قلوب الذئاب ، البسوا ثياب الملوك ، وألينوا قلوبكم بالخشية . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					