( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا   ( 25 ) وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا   ( 26 ) إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا   ( 27 ) رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا   ( 28 ) ) 
يقول تعالى : ( مما خطاياهم ) وقرئ : ( خطيئاتهم ) ) أغرقوا ) أي : من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم ( أغرقوا فأدخلوا نارا   ) أي : نقلوا من تيار البحار إلى حرارة النار ، ( فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا   ) أي : لم يكن لهم معين ولا مغيث ولا مجير ينقذهم من عذاب الله كقوله : ( قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم   ) [ هود : 43 ] . 
( وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا    ) أي : لا تترك على [ وجه ] الأرض منهم أحدا ولا تومريا وهذه من صيغ تأكيد النفي . 
قال الضحاك   : ( ديارا ) واحدا . وقال  السدي   : الديار : الذي يسكن الدار . 
فاستجاب الله له ، فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين حتى ولد نوح  لصلبه الذي اعتزل عن أبيه ، وقال : ( سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين   ) [ هود : 43 ] . 
 [ ص: 237 ] 
وقال ابن أبي حاتم   : قرئ على  يونس بن عبد الأعلى  ، أخبرنا ابن وهب  ، أخبرني شبيب بن سعد  ، عن أبي الجوزاء  ، عن ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " لو رحم الله من قوم نوح   أحدا ، لرحم امرأة ، لما رأت الماء حملت ولدها ثم صعدت الجبل ، فلما بلغها الماء صعدت به منكبها ، فلما بلغ الماء منكبها وضعت ولدها على رأسها ، فلما بلغ الماء رأسها رفعت ولدها بيدها ، فلو رحم الله منهم أحدا لرحم هذه المرأة " . 
هذا حديث غريب ، ورجاله ثقات ، ونجى الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح  عليه السلام  ، وهم الذين أمره الله بحملهم معه . 
وقوله : ( إنك إن تذرهم يضلوا عبادك   ) أي : إنك إن أبقيت منهم أحدا أضلوا عبادك ، أي : الذين تخلقهم بعدهم ( ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا   ) أي : فاجرا في الأعمال كافر القلب ، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما . 
ثم قال : ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا   ) قال الضحاك   : يعني : مسجدي ، ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها ، وهو أنه دعا لكل من دخل منزله وهو مؤمن ، وقد قال  الإمام أحمد   : 
حدثنا أبو عبد الرحمن  ، حدثنا حيوة  ، أنبأنا سالم بن غيلان   : أن الوليد بن قيس التجيبي  أخبره : أنه سمع  أبا سعيد الخدري   - أو : عن أبي الهيثم  ، عن أبي سعيد   : - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  " لا تصحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي " . 
ورواه أبو داود   والترمذي  من حديث  عبد الله بن المبارك  ، عن حيوة بن شريح  به ، ثم قال الترمذي   : إنما نعرفه من هذا الوجه . 
وقوله : ( وللمؤمنين والمؤمنات ) دعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات ، وذلك يعم الأحياء منهم والأموات ; ولهذا يستحب مثل هذا الدعاء ، اقتداء بنوح  عليه السلام ، وبما جاء في الآثار ، والأدعية [ المشهورة ] المشروعة . 
وقوله : ( ولا تزد الظالمين إلا تبارا   ) قال  السدي   : إلا هلاكا . وقال مجاهد   : إلا خسارا ، أي : في الدنيا والآخرة . 
آخر تفسير سورة " نوح   " [ عليه السلام ولله الحمد والمنة ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					