[ ص: 470 ]  ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده  وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا   ( 163 ) ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما   ( 164 ) رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما   ( 165 ) ) 
قال محمد بن إسحاق  ، عن محمد بن أبي محمد  ، عن عكرمة  أو سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  قال : قال سكين   وعدي بن زيد   : يا محمد ،  ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى   . فأنزل الله في ذلك من قولهما : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده   ) إلى آخر الآيات . 
وقال ابن جرير   : حدثنا الحارث  ، حدثنا عبد العزيز  ، حدثنا أبو معشر  ، عن  محمد بن كعب القرظي  قال : أنزل الله : ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء   ) إلى قوله ( وقولهم على مريم بهتانا عظيما   ) فما تلاها عليهم - يعني على اليهود   - وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة ، جحدوا كل ما أنزل الله وقالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء ، ولا موسى  ولا عيسى ،  ولا على نبي من شيء . قال : فحل حبوته ، وقال : ولا على أحد . . فأنزل الله عز وجل : ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء   ) [ الأنعام : 91 ] . 
وفي هذا الذي قاله  محمد بن كعب القرظي  نظر ; فإن هذه الآية مكية في سورة الأنعام ، وهذه الآية التي في سورة النساء مدنية ، وهي رد عليهم لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء ، قال الله تعالى ( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك   ) [ النساء : 153 ] ، ثم ذكر فضائحهم ومعايبهم وما كانوا عليه ، وما هم عليه الآن من الكذب والافتراء . ثم ذكر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله محمد  صلى الله عليه وسلم كما أوحى إلى غيره من الأنبياء المتقدمين ، فقال : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا   ) 
والزبور : اسم الكتاب الذي أوحاه الله إلى داود ،   عليه السلام ، وسنذكر ترجمة كل واحد من هؤلاء الأنبياء ، عليهم من الله [ أفضل ] الصلاة والسلام ، عند قصصهم في السور الآتية ، إن شاء الله ، وبه الثقة ، وعليه التكلان . 
وقوله ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك   ) أي : من قبل هذه الآية ، يعني : في السور المكية وغيرها . 
وهذه تسمية الأنبياء الذين نص على أسمائهم في القرآن ،  وهم : آدم  وإدريس ،  ونوح ،  وهود ،  وصالح ،  وإبراهيم ،  ولوط ،  وإسماعيل ،  وإسحاق ،  ويعقوب ،  ويوسف ،  وأيوب ،  وشعيب ،  وموسى ،  وهارون ،  ويونس ،  وداود ،  وسليمان ،  وإلياس ،  واليسع ،  وزكريا ،  ويحيى ،  وعيسى   [ عليهم الصلاة والسلام ] وكذا ذو الكفل  عند كثير من المفسرين ، وسيدهم محمد  صلى الله عليه وسلم . 
وقوله : ( ورسلا لم نقصصهم عليك   ) أي : خلقا آخرين لم يذكروا في القرآن ، وقد اختلف في  [ ص: 471 ] عدة الأنبياء والمرسلين  والمشهور في ذلك حديث  أبي ذر الطويل  ، وذلك فيما رواه ابن مردويه  ، رحمه الله ، في تفسيره ، حيث قال : حدثنا إبراهيم بن محمد  ، حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن  ،  والحسين بن عبد الله بن يزيد  قالا حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني  حدثني أبي عن جدي ، عن  أبي إدريس الخولاني  ، عن أبي ذر  قال : قلت : يا رسول الله ، كم الأنبياء ؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا " . قلت : يا رسول الله ، كم الرسل منهم ؟ قال : " ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير " . قلت : يا رسول الله ، من كان أولهم ؟ قال :  " آدم   " . قلت : يا رسول الله ، نبي مرسل ؟ قال : " نعم ، خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، ثم سواه قبلا " . ثم قال : " يا أبا ذر  ، أربعة سريانيون : آدم ،  وشيث ،  ونوح ،  وخنوخ - وهو إدريس ،  وهو أول من خط بقلم - وأربعة من العرب : هود ،  وصالح ،  وشعيب ،  ونبيك يا أبا ذر  ، وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل   موسى ،  وآخرهم عيسى   . وأول النبيين  آدم ،  وآخرهم  نبيك " . 
قد روى هذا الحديث بطوله الحافظ  أبو حاتم بن حبان البستي  في كتابه : " الأنواع والتقاسيم " وقد وسمه بالصحة ، وخالفه  أبو الفرج بن الجوزي  ، فذكر هذا الحديث في كتابه " الموضوعات " ، واتهم به إبراهيم بن هشام  هذا ، ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث فالله أعلم . 
وقد روي الحديث من وجه آخر ، عن صحابي آخر ، فقال ابن أبي حاتم   : حدثنا محمد بن عوف  ، حدثنا أبو المغيرة  ، حدثنا معان بن رفاعة  ، عن علي بن يزيد  ، عن القاسم  ، عن أبي أمامة  قال : قلت : يا نبي الله ، كم الأنبياء ؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا "  . 
معان بن رفاعة السلامي  ضعيف ، وعلي بن يزيد  ضعيف ، والقاسم أبو عبد الرحمن  ضعيف أيضا . 
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي   : حدثنا أحمد بن إسحاق أبو عبد الله الجوهري البصري  ، حدثنا مكي بن إبراهيم  ، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي  ، عن يزيد الرقاشي  ، عن أنس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " بعث الله ثمانية آلاف نبي ، أربعة آلاف إلى بني إسرائيل ،  وأربعة آلاف إلى سائر الناس  " . 
وهذا أيضا إسناد ضعيف فيه الربذي ضعيف ، وشيخه  الرقاشي  أضعف منه أيضا والله أعلم . 
وقال أبو يعلى   : حدثنا أبو الربيع  ، حدثنا محمد بن ثابت العبدي  ، حدثنا محمد بن خالد  [ ص: 472 ] الأنصاري  ، عن يزيد الرقاشي  ، عن أنس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي ، ثم كان عيسى ابن مريم ،  ثم كنت أنا "  . 
وقد رويناه عن أنس  من وجه آخر ، فأخبرني الحافظ أبو عبد الله الذهبي  ، أخبرنا أبو الفضل بن عساكر  ، أنبأنا الإمام أبو بكر القاسم بن أبي سعيد الصفار  ، أخبرتنا عمة أبي ، عائشة بنت أحمد بن منصور بن الصفار ،  أخبرنا الشريف أبو السنابك  هبة الله بن أبي الصهباء  محمد بن حيدر القرشي  ، حدثنا الإمام الأستاذ  أبو إسحاق الإسفراييني  قال : أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي  ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة  ، حدثنا أحمد بن طارق  ، حدثنا  مسلم بن خالد  ، حدثنا زياد بن سعد  ، عن محمد بن المنكدر  ، عن صفوان بن سليم  ، عن أنس بن مالك  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " بعثت على إثر من ثلاثة آلاف نبي من بني إسرائيل   " . وهذا غريب من هذا الوجه وإسناده لا بأس به ، رجاله كلهم معروفون إلا أحمد بن طارق  هذا ، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					