( إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة  ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود   ( 103 ) وما نؤخره إلا لأجل معدود   ( 104 ) يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد   ( 105 ) )  [ ص: 350 ] 
واعتبارا على صدق موعودنا في الدار الآخرة ، ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد   ) [ غافر : 51 ] ، وقال تعالى : ( فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد   ) [ إبراهيم : 13 ، 14 ] . 
وقال تعالى : ( ذلك يوم مجموع له الناس   ) أي : أولهم وآخرهم ، فلا يبقى منهم أحد ، كما قال : ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا   ) [ الكهف : 47 ] . 
( وذلك يوم مشهود   ) أي : يوم عظيم تحضره الملائكة كلهم ،  ويجتمع فيه الرسل جميعهم ، وتحشر فيه الخلائق بأسرهم ، من الإنس والجن والطير والوحوش والدواب ، ويحكم فيهم العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها . 
وقوله : ( وما نؤخره إلا لأجل معدود   ) أي : ما نؤخر إقامة يوم القيامة إلا لأنه قد سبقت كلمة الله وقضاؤه وقدره ، في وجود أناس معدودين من ذرية آدم ،  وضرب مدة معينة إذا انقضت وتكامل وجود أولئك المقدر خروجهم من ذرية آدم ،  أقام الله الساعة; ولهذا قال : ( وما نؤخره إلا لأجل معدود   ) أي : لمدة مؤقتة لا يزاد عليها ولا ينتقص منها ، ( يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه   ) يقول : يوم يأتي هذا اليوم وهو يوم القيامة ، لا يتكلم أحد [ يومئذ ] إلا بإذن الله تعالى ، كما قال تعالى : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا   ) [ النبأ : 38 ] ، وقال تعالى : ( وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا   ) [ طه : 108 ] ، وفي الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة الطويل : " ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ، ودعوى الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم  . 
وقوله : ( فمنهم شقي وسعيد   ) أي : فمن أهل الجمع شقي ومنهم سعيد  ، كما قال : ( فريق في الجنة وفريق في السعير   ) [ الشورى : 7 ] . 
وقال  الحافظ أبو يعلى  في مسنده : حدثنا موسى بن حيان ،  حدثنا عبد الملك بن عمرو ،  حدثنا سليمان بن سفيان ،  حدثنا  عبد الله بن دينار ،  عن ابن عمر ،  عن عمر   - رضي الله عنه - قال : لما نزلت ( فمنهم شقي وسعيد   ) سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت : يا رسول الله ، علام نعمل ؟ على شيء قد فرغ منه ، أم على شيء لم يفرغ منه ؟ فقال : " على شيء قد فرغ منه يا عمر  وجرت به الأقلام ،  [ ص: 351 ] ولكن كل ميسر لما خلق له "  . 
ثم بين تعالى حال الأشقياء وحال السعداء ، فقال : 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					