[ ص: 180 ] القول في تأويل قوله ( ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما    ( 24 ) ) 
قال أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . 
فقال بعضهم : معنى ذلك لا حرج عليكم ، أيها الأزواج ، إن أدركتكم عسرة بعد أن فرضتم لنسائكم أجورهن فريضة ، فيما تراضيتم به من حط وبراءة ، بعد الفرض الذي سلف منكم لهن ما كنتم فرضتم . 
ذكر من قال ذلك : 
9045 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ،  عن أبيه قال : زعم حضرمي   : أن رجالا كانوا يفرضون المهر ، ثم عسى أن تدرك أحدهم العسرة ، فقال الله : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة   . 
وقال آخرون : معنى ذلك : ولا جناح عليكم ، أيها الناس ، فيما تراضيتم أنتم والنساء اللواتي استمتعتم بهن إلى أجل مسمى ، إذا انقضى الأجل الذي أجلتموه بينكم وبينهن في الفراق ، أن يزدنكم في الأجل ، وتزيدوا من الأجر والفريضة ، قبل أن يستبرئن أرحامهن . 
ذكر من قال ذلك : 
9046 - حدثنا محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن مفضل  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة  ، إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى - يعني الأجرة التي أعطاها على تمتعه بها - قبل  [ ص: 181 ] انقضاء الأجل بينهما ، فقال : " أتمتع منك أيضا بكذا وكذا " فازداد قبل أن يستبرئ رحمها ، ثم تنقضي المدة . وهو قوله : فيما تراضيتم به من بعد الفريضة   " 
وقال آخرون : معنى ذلك : ولا جناح عليكم ، أيها الناس ، فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم بعد أن تؤتوهن أجورهن على استمتاعكم بهن من مقام وفراق . 
ذكر من قال ذلك : 
9047 - حدثنا المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية بن صالح ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس  قوله : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة  ، والتراضي : أن يوفيها صداقها ثم يخيرها . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا جناح عليكم فيما وضعت عنكم نساؤكم من صدقاتهن من بعد الفريضة   . 
ذكر من قال ذلك : 
9048 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة  ، قال : إن وضعت لك منه شيئا فهو لك سائغ . 
قال أبو جعفر   : وأولى هذه الأقوال بالصواب - قول من قال : معنى ذلك : ولا حرج عليكم ، أيها الناس ، فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم من بعد إعطائهن أجورهن على النكاح الذي جرى بينكم وبينهن ، من حط ما وجب لهن عليكم ، أو إبراء ، أو تأخير ووضع . وذلك نظير قوله - جل ثناؤه - : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا   ) [ سورة النساء : 4 ] . 
فأما الذي قاله  السدي   : فقول لا معنى له ، لفساد القول بإحلال جماع  [ ص: 182 ] امرأة بغير نكاح ولا ملك يمين . 
وأما قوله : " إن الله كان عليما حكيما " فإنه يعني : إن الله كان ذا علم بما يصلحكم ، أيها الناس ، في مناكحكم وغيرها من أموركم وأمور سائر خلقه ، " حكيما " فيما يدبر لكم ولهم من التدبير ، وفيما يأمركم وينهاكم ، لا يدخل حكمته خلل ولا زلل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					