القول في تأويل قوله تعالى ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا   ( 145 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني جل ثناؤه بقوله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار    " ، إن المنافقين في الطبق الأسفل من أطباق جهنم . 
 [ ص: 338 ] 
وكل طبق من أطباق جهنم : "درك" . وفيه لغتان ، "درك" ، بفتح"الراء" و"درك" بتسكينها . فمن فتح"الراء" ، جمعه في القلة"أدراك" ، وإن شاء جمعه في الكثرة"الدروك" . ومن سكن"الراء" قال : "ثلاثة أدرك" ، وللكثير" الدروك " . 
وقد اختلفت القرأة في قراءة ذلك : 
فقرأته عامة قرأة المدينة  والبصرة   ( في الدرك ) بفتح"الراء" . 
وقرأته عامة قرأة الكوفة  بتسكين"الراء" . 
قال أبو جعفر   : وهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، لاتفاق معنى ذلك ، واستفاضة القراءة بكل واحدة منهما في قرأة الإسلام . غير أني رأيت أهل العلم بالعربية يذكرون أن فتح"الراء" منه في العرب ، أشهر من تسكينها . وحكوا سماعا منهم : "أعطني دركا أصل به حبلي" ، وذلك إذا سأل ما يصل به حبله الذي قد عجز عن بلوغ الركية . 
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
10741 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن سلمة بن كهيل ،  عن  خيثمة ،  عن عبد الله   : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار   " ، قال : في توابيت من حديد مبهمة عليهم . 
10742 - حدثنا  محمد بن المثنى  قال : حدثنا  وهب بن جرير ،  عن شعبة ،   [ ص: 339 ] عن سلمة ،  عن  خيثمة ،  عن عبد الله  قال : إن المنافقين في توابيت من حديد مقفلة عليهم في النار . 
10743 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا يحيى بن يمان ،  عن سفيان ،  عن عاصم ،  عن ذكوان ،  عن  أبي هريرة   : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار   " ، قال : في توابيت ترتج عليهم  . 
10744 - حدثنا  ابن المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثنا معاوية بن صالح ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس  قوله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار   " ، يعني : في أسفل النار  . 
10745 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج  قال : قال لي عبد الله بن كثير  قوله : " في الدرك الأسفل من النار   " ، قال : سمعنا أن جهنم أدراك : منازل  . 
10746 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن  قال : حدثنا سفيان ،  عن سلمة بن كهيل ،  عن  خيثمة ،  عن عبد الله   : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار   " ، قال : توابيت من نار تطبق عليهم  . 
وأما قوله : " ولن تجد لهم نصيرا   " ، فإنه يعني : ولن تجد لهؤلاء المنافقين ، يا محمد ،  من الله إذا جعلهم في الدرك الأسفل من النار ناصرا ينصرهم منه ، فينقذهم من عذابه ، ويدفع عنهم أليم عقابه . 
 [ ص: 340 ] 
				
						
						
