[ ص: 379 ] القول في تأويل قوله ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته    ) 
قال أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك : 
فقال بعضهم : معنى ذلك : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به   " ، يعني : بعيسى   "قبل موته" ، يعني : قبل موت عيسى  يوجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال ، فتصير الملل كلها واحدة ، وهي ملة الإسلام الحنيفية ، دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم . 
 [ ص: 380 ] 
ذكر من قال ذلك : 
10794 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن  قال : حدثنا سفيان ،  عن أبي حصين ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : قبل موت عيسى ابن مريم   . 
10795 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن أبي حصين ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : قبل موت عيسى   . 
10796 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا حصين ،  عن أبي مالك  في قوله : " إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : ذلك عند نزول عيسى ابن مريم ،  لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به . 
10797 - حدثني المثنى  قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ،  قال : حدثنا حماد بن سلمة ،  عن حميد ،  عن الحسن  قال : "قبل موته" ، قال : قبل أن يموت عيسى ابن مريم   . 
10798 - حدثني يعقوب  قال : حدثنا  ابن علية ،  عن أبي رجاء ،  عن الحسن  في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : قبل موت عيسى   . والله إنه الآن لحي عند الله ، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون . 
10799 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، يقول : قبل موت عيسى   . 
10800 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر ،  عن قتادة   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : قبل موت عيسى   .  [ ص: 381 ] 
10801 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر ،  عن قتادة   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : قبل موت عيسى ،  إذا نزل آمنت به الأديان كلها . 
10802 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن  أبي جعفر الرازي ،  عن الربيع بن أنس ،  عن الحسن  قال : قبل موت عيسى   . 
10803 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبو أسامة ،  عن عوف ،  عن الحسن   : " إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال عيسى ،  ولم يمت بعد . 
10804 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا عمران بن عيينة ،  عن حصين ،  عن أبي مالك  قال : لا يبقى أحد منهم عند نزول عيسى  إلا آمن به . 
10805 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن حصين ،  عن أبي مالك  قال : قبل موت عيسى   . 
10806 - حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : إذا نزل عيسى ابن مريم  فقتل الدجال ، لم يبق يهودي في الأرض إلا آمن به . قال : فذلك حين لا ينفعهم الإيمان . 
10807 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، يعني : أنه سيدرك أناس من أهل الكتاب حين يبعث عيسى ،  فيؤمنون به ، "ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا" . 
10808 - حدثنا  محمد بن المثنى  قال : حدثنا محمد بن جعفر  قال : حدثنا شعبة ،  عن منصور بن زاذان ،  عن الحسن  أنه قال في هذه الآية : "  [ ص: 382 ] وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " قال أبو جعفر   : أظنه إنما قال : إذا خرج عيسى  آمنت به اليهود   . 
وقال آخرون : يعني بذلك : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى ،  قبل موت الكتابي . يوجه ذلك إلى أنه إذا عاين علم الحق من الباطل ، لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه . 
[ ذكر من قال ذلك ] : 
10809 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس  قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى   . 
10810 - حدثنا ابن وكيع  وابن حميد  قالا حدثنا جرير ،  عن منصور ،  عن مجاهد   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : لا تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى ،  وإن غرق ، أو تردى من حائط ، أو أي ميتة كانت  . 
10811 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  قال : حدثنا عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قوله : " إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، كل صاحب كتاب ليؤمنن به ، بعيسى ،  قبل موته ، موت صاحب الكتاب . 
10812 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   : "ليؤمنن به" ، كل صاحب كتاب ، يؤمن بعيسى   [ ص: 383 ]  "قبل موته" ، قبل موت صاحب الكتاب قال ابن عباس   : لو ضربت عنقه ، لم تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى   . 
10813 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا  أبو تميلة يحيى بن واضح  قال : حدثنا الحسين بن واقد ،  عن يزيد النحوي ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس  قال : لا يموت اليهودي  حتى يشهد أن عيسى  عبد الله ورسوله ، ولو عجل عليه بالسلاح . 
10814 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد  قال : حدثنا عتاب بن بشير ،  عن خصيف ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : هي في قراءة أبي   : ( قبل موتهم ) ، ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسى   . قيل  لابن عباس   : أرأيت إن خر من فوق بيت ؟ قال : يتكلم به في الهوي . فقيل : أرأيت إن ضرب عنق أحد منهم ؟ قال : يلجلج بها لسانه . 
10815 - حدثني المثنى  قال : حدثني  أبو نعيم الفضل بن دكين  قال : حدثنا سفيان ،  عن خصيف ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى ابن مريم   . قال : وإن ضرب بالسيف ، يتكلم به . قال : وإن هوى ، يتكلم به وهو يهوي . 
10816 - وحدثني  ابن المثنى  قال : حدثني محمد بن جعفر  قال : حدثنا  [ ص: 384 ] شعبة ،  عن أبي هارون الغنوي ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس  أنه قال في هذه الآية : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : لو أن يهوديا وقع من فوق هذا البيت ، لم يمت حتى يؤمن به يعني : بعيسى   . 
10817 - حدثنا  ابن المثنى  قال : حدثنا عبد الصمد  قال : حدثنا شعبة ،  عن مولى لقريش  قال : سمعت عكرمة  يقول : لو وقع يهودي من فوق القصر ، لم يبلغ إلى الأرض حتى يؤمن بعيسى   . 
10818 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن  قال : حدثنا سفيان ،  عن  أبي هاشم الرماني ،  عن مجاهد   : " ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : وإن وقع من فوق البيت ، لا يموت حتى يؤمن به . 
10819 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا حكام ،  عن عمرو بن أبي قيس ،  عن منصور ،  عن مجاهد   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " . قال : لا يموت رجل من أهل الكتاب حتى يؤمن به ، وإن غرق ، أو تردى ، أو مات بشيء . 
10820 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا  ابن علية ،  عن ليث ،  عن مجاهد  في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : لا تخرج نفسه حتى يؤمن به .  [ ص: 385 ] 
10821 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن خصيف ،  عن عكرمة   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : لا يموت أحدهم حتى يؤمن به يعني : بعيسى  وإن خر من فوق بيت ، يؤمن به وهو يهوي . 
10822 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ،  عن جويبر ،  عن الضحاك  قال : ليس أحد من اليهود  يخرج من الدنيا حتى يؤمن بعيسى   . 
10823 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ،  عن فرات القزاز ،  عن الحسن  في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : لا يموت أحد منهم حتى يؤمن بعيسى  صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت [ يعني : اليهود  والنصارى   ] . 
10824 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا إسرائيل ،  عن فرات ،  عن الحسن  في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : لا يموت أحد منهم حتى يؤمن بعيسى  قبل أن يموت . 
10825 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن  قال : حدثنا الحكم بن عطية ،  عن  محمد بن سيرين   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : موت الرجل من أهل الكتاب . 
10826 - حدثنا محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن مفضل  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : قال ابن عباس   : ليس من يهودي [ يموت ] حتى يؤمن بعيسى ابن مريم   . 
 [ ص: 386 ] فقال له رجل من أصحابه : كيف ، والرجل يغرق ، أو يحترق ، أو يسقط عليه الجدار ، أو يأكله السبع ؟ فقال : لا تخرج روحه من جسده حتى يقذف فيه الإيمان بعيسى   . 
10827 - حدثت عن الحسين بن الفرج  قال : سمعت أبا معاذ  يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : لا يموت أحد من اليهود  حتى يشهد أن عيسى  رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
10828 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا يعلى ،  عن جويبر  في قوله : " ليؤمنن به قبل موته   " ، قال : في قراءة أبي   : ( قبل موتهم )  . 
وقال آخرون : معنى ذلك : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد  صلى الله عليه وسلم ، قبل موت الكتابي . 
ذكر من قال ذلك : 
10829 - حدثني المثنى  قال : حدثنا الحجاج بن المنهال  قال : حدثنا حماد ،  عن حميد  قال : قال عكرمة   : لا يموت النصراني واليهودي حتى يؤمن بمحمد  صلى الله عليه وسلم يعني في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " . 
قال أبو جعفر   : وأولى الأقوال بالصحة والصواب ، قول من قال : تأويل ذلك : "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى  قبل موت عيسى   " . 
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من غيره من الأقوال ، لأن الله جل ثناؤه حكم لكل مؤمن بمحمد  صلى الله عليه وسلم بحكم أهل الإيمان ، في الموارثة والصلاة عليه ،  [ ص: 387 ] وإلحاق صغار أولاده بحكمه في الملة . فلو كان كل كتابي يؤمن بعيسى  قبل موته ، لوجب أن لا يرث الكتابي إذا مات على ملته إلا أولاده الصغار ، أو البالغون منهم من أهل الإسلام ، إن كان له ولد صغير أو بالغ مسلم . وإن لم يكن له ولد صغير ولا بالغ مسلم ، كان ميراثه مصروفا حيث يصرف مال المسلم يموت ولا وارث له ، وأن يكون حكمه حكم المسلمين في الصلاة عليه وغسله وتقبيره . لأن من مات مؤمنا بعيسى ،  فقد مات مؤمنا بمحمد  وبجميع الرسل . وذلك أن عيسى  صلوات الله عليه ، جاء بتصديق محمد  وجميع المرسلين صلوات الله عليهم ، فالمصدق بعيسى  والمؤمن به ، مصدق بمحمد  وبجميع أنبياء الله ورسله . كما أن المؤمن بمحمد ،  مؤمن بعيسى  وبجميع أنبياء الله ورسله . فغير جائز أن يكون مؤمنا بعيسى  من كان بمحمد  مكذبا . 
فإن ظن ظان أن معنى إيمان اليهودي  بعيسى  الذي ذكره الله في قوله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   " ، إنما هو إقراره بأنه لله نبي مبعوث ، دون تصديقه بجميع ما أتى به من عند الله فقد ظن خطأ . 
وذلك أنه غير جائز أن يكون منسوبا إلى الإقرار بنبوة نبي ، من كان له مكذبا في بعض ما جاء به من وحي الله وتنزيله . بل غير جائز أن يكون منسوبا إلا الإقرار بنبوة أحد من أنبياء الله ، لأن الأنبياء جاءت الأمم بتصديق جميع أنبياء الله ورسله . فالمكذب بعض أنبياء الله فيما أتى به أمته من عند الله ، مكذب جميع أنبياء الله فيما دعوا إليه من دين الله عباد الله . وإذ كان ذلك كذلك وكان الجميع من أهل الإسلام مجمعين على أن كل كتابي مات قبل إقراره بمحمد  صلوات الله  [ ص: 388 ] عليه وما جاء به من عند الله ، محكوم له بحكم الملة التي كان عليها أيام حياته ، غير منقول شيء من أحكامه في نفسه وماله وولده صغارهم وكبارهم بموته ، عما كان عليه في حياته دل الدليل على أن معنى قول الله : " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته   "  ، إنما معناه : إلا ليؤمنن بعيسى  قبل موت عيسى ،  وأن ذلك في خاص من أهل الكتاب ، ومعني به أهل زمان منهم دون أهل كل الأزمنة التي كانت بعد عيسى ،  وأن ذلك كائن عند نزوله ، كالذي : - 
10830 - حدثني بشر بن معاذ  قال : حدثني يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة ،  عن عبد الرحمن بن آدم ،  عن  أبي هريرة   : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : الأنبياء إخوة لعلات ، أمهاتهم شتى ودينهم واحد . وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم ،  لأنه لم يكن بيني وبينه نبي . وإنه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، فإنه رجل مربوع الخلق ، إلى الحمرة والبياض ، سبط الشعر ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل ، بين ممصرتين ، فيدق الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال ، ويقاتل الناس على الإسلام حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام ، ويهلك الله في زمانه مسيح الضلالة الكذاب الدجال ، وتقع الأمنة في الأرض في زمانه ، حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمور مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، وتلعب الغلمان أو : الصبيان بالحيات ، لا يضر بعضهم بعضا . ثم يلبث في الأرض ما شاء الله وربما قال : أربعين سنة ثم يتوفى ،  [ ص: 389 ] ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه  . 
وأما الذي قال : عنى بقوله : " ليؤمنن به قبل موته   " ، ليؤمنن بمحمد  صلى الله عليه وسلم قبل موت الكتابي - فمما لا وجه له مفهوم ، لأنه مع فساده من الوجه الذي دللنا على فساد قول من قال : "عنى به : ليؤمنن بعيسى  قبل موت الكتابي" يزيده  فسادا أنه لم يجر لمحمد  عليه السلام في الآيات التي قبل ذلك ذكر ، فيجوز صرف"الهاء" التي في قوله : "ليؤمنن به" ، إلى أنها من ذكره . وإنما قوله : "ليؤمنن به" ، في سياق ذكر عيسى  وأمه واليهود   . فغير جائز صرف الكلام عما هو في سياقه إلى غيره ، إلا بحجة يجب التسليم لها من دلالة ظاهر التنزيل ، أو خبر عن الرسول تقوم به حجة . فأما الدعاوى ، فلا تتعذر على أحد . 
قال أبو جعفر   : فتأويل الآية إذ كان الأمر على ما وصفنا : وما من أهل الكتاب إلا من ليؤمنن بعيسى ،  قبل موت عيسى  وحذف"من" بعد"إلا" ، لدلالة الكلام عليه ، فاستغنى بدلالته عن إظهاره ، كسائر ما قد تقدم من أمثاله التي قد أتينا على البيان عنها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					