القول في تأويل قوله عز ذكره ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون    ( 44 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : ومن كتم حكم الله الذي أنزله في كتابه وجعله حكما بين عباده ، فأخفاه وحكم بغيره ، كحكم اليهود في الزانيين المحصنين بالتجبيه والتحميم ، وكتمانهم الرجم ، وكقضائهم في بعض قتلاهم بدية كاملة وفي بعض بنصف الدية ، وفي الأشراف بالقصاص ، وفي الأدنياء بالدية ، وقد سوى الله بين جميعهم في الحكم عليهم في التوراة "فأولئك هم الكافرون " ، يقول :  [ ص: 346 ] هؤلاء الذين لم يحكموا بما أنزل الله في كتابه ، ولكن بدلوا وغيروا حكمه ، وكتموا الحق الذي أنزله في كتابه "هم الكافرون " ، يقول : هم الذين ستروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينه ، وغطوه عن الناس ، وأظهروا لهم غيره ، وقضوا به ، لسحت أخذوه منهم عليه . 
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل " الكفر " في هذا الموضع . 
فقال بعضهم بنحو ما قلنا في ذلك ، من أنه عنى به اليهود الذين حرفوا كتاب الله وبدلوا حكمه . 
ذكر من قال ذلك : 
12022 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبو معاوية ،  عن الأعمش ،  عن عبد الله بن مرة ،  عن  البراء بن عازب ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون   ) [ سورة المائدة : 45 ] ، ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون   ) [ سورة المائدة : 47 ] ، في الكافرين كلها  . 
12023 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا إسحاق  قال ، حدثنا محمد بن القاسم  قال ، حدثنا أبو حيان ،  عن أبي صالح  قال : الثلاث الآيات التي في"المائدة " ، " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ( فأولئك هم الظالمون   ) ، ( فأولئك هم الفاسقون   ) ، ليس في أهل الإسلام منها شيء ، هي في الكفار  . 
 [ ص: 347 ]  12024 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن  أبي حيان ،  عن الضحاك   : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، و"الظالمون " و"الفاسقون " ، قال : نزلت هؤلاء الآيات في أهل الكتاب  . 
12025 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال ، حدثنا المعتمر بن سليمان  قال ، سمعت عمران بن حدير  قال ، أتى أبا مجلز  ناس من بني عمرو بن سدوس  ، فقالوا : يا أبا مجلز ،  أرأيت قول الله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، أحق هو؟ قال : نعم ! قالوا : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون   ) ، أحق هو ؟ قال : نعم ! قالوا : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون   ) ، أحق هو؟ قال : نعم! قال فقالوا : يا أبا مجلز ،  فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟ قال : هو دينهم الذي يدينون به ، وبه يقولون ، وإليه يدعون ، فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبا ! فقالوا : لا والله ، ولكنك تفرق ! قال : أنتم أولى بهذا مني! لا أرى ، وإنكم أنتم ترون هذا ولا تحرجون ، ولكنها أنزلت في اليهود  والنصارى  وأهل الشرك أو نحوا من هذا . 
12026 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا حجاج  قال ، حدثنا حماد ،  عن عمران بن حدير  قال : قعد إلى أبي مجلز  نفر من الإباضية ،  قال فقالوا له : يقول الله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، "فأولئك هم الظالمون " ، "فأولئك هم الفاسقون"! قال أبو مجلز   : إنهم يعملون بما يعلمون يعني الأمراء ويعلمون أنه ذنب! قال : وإنما أنزلت هذه الآية في اليهود   ! والنصارى  قالوا :  [ ص: 348 ] أما والله إنك لتعلم مثل ما نعلم ، ولكنك تخشاهم! قال : أنتم أحق بذلك منا! أما نحن فلا نعرف ما تعرفون! [ قالوا ] : ولكنكم تعرفونه ، ولكن يمنعكم أن تمضوا أمركم من خشيتهم! 
 [ ص: 349 ]  12027 - حدثنا ابن بشار  قال ، حدثنا عبد الرحمن  قال ، حدثنا سفيان  ، وحدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان  عن حبيب بن أبي ثابت ،  عن أبي البختري ،  عن حذيفة  في قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل ، إن كانت لكم كل حلوة ، ولهم كل مرة!! ولتسلكن طريقهم قدى الشراك . 
 [ ص: 350 ]  12028 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن  أبي حيان ،  عن الضحاك   : "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " ، و"الظالمون " و"الفاسقون " ، قال : نزلت هؤلاء الآيات في أهل الكتاب . 
12029 - حدثنا  هناد بن السري  قال ، حدثنا  وكيع ،  عن سفيان ،  عن حبيب بن أبي ثابت ،  عن أبي البختري  قال : قيل لحذيفة   : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، ثم ذكر نحو حديث ابن بشار ،  عن عبد الرحمن   . 
12030 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا الثوري ،  عن حبيب بن أبي ثابت ،  عن أبي البختري  قال : سأل رجل حذيفة  عن هؤلاء الآيات : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، "فأولئك هم الظالمون" " فأولئك هم الفاسقون " ، قال فقيل : ذلك في بني إسرائيل؟ قال : نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل ، إن كانت لهم كل مرة ، ولكم كل حلوة ! كلا والله ، لتسلكن طريقهم قدى الشراك . 
 [ ص: 351 ]  12031 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا الثوري ،  عن رجل ، عن عكرمة  قال : هؤلاء الآيات في أهل الكتاب . 
12032 - حدثنا بشر بن معاذ  قال ، حدثنا يزيد  قال ، حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أنزلت في قتيل اليهود  الذي كان منهم . 
12033 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن عكرمة  قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، و"الظالمون " ، و"الفاسقون " ، لأهل الكتاب كلهم ، لما تركوا من كتاب الله . 
12034 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني أبو معاوية ،  عن الأعمش ،  عن عبد الله بن مرة ،  عن  البراء بن عازب  قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم مجلود ، فدعاهم فقال : هكذا تجدون حد من زنى؟ قالوا : نعم ! فدعا رجلا من علمائهم فقال : أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى ،  هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال : لا ، ولولا أنك أنشدتني بهذا لم أخبرك ، نجد حده في كتابنا الرجم ، ولكنه كثر في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحد ، فقلنا : تعالوا فلنجتمع جميعا على التحميم والجلد مكان الرجم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أول من أحيى أمرك إذ أماتوه! فأمر به فرجم ، فأنزل الله : " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر   " إلى قوله : "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " ، يعني اليهود : " فأولئك هم الظالمون " ، يعني اليهود : " فأولئك هم الفاسقون " ، للكفار كلها  . 
 [ ص: 352 ]  12035 - حدثني  يونس بن عبد الأعلى  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : من حكم بكتابه الذي كتب بيده ، وترك كتاب الله ، وزعم أن كتابه هذا من عند الله ، فقد كفر . 
12036 - حدثنا هناد  قال ، حدثنا أبو معاوية ،  عن الأعمش ،  عن عبد الله بن مرة ،  عن  البراء بن عازب ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحو حديث القاسم ،  عن الحسن  ، غير أن هنادا  قال في حديثه : فقلنا : تعالوا فلنجتمع في شيء نقيمه على الشريف والضعيف ، فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم  - وسائر الحديث نحو حديث القاسم . 
12037 - حدثنا الربيع  قال ، حدثنا ابن وهب  قال ، حدثنا ابن أبي الزناد ،  عن أبيه قال : كنا عند  عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ،  فذكر رجل عنده : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون   " ، " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون   " ، فقال عبيد الله   : أما والله إن كثيرا من الناس يتأولون هؤلاء الآيات على ما لم ينزلن عليه ، وما أنزلن إلا في حيين من يهود . ثم قال : هم قريظة  والنضير ،  وذلك أن إحدى الطائفتين كانت قد غزت الأخرى وقهرتها قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ،  حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة ، فديته خمسون وسقا ، وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة ، فديته مائة وسق . فأعطوهم فرقا وضيما . فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وهم على ذلك ، فذلت الطائفتان بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يظهر عليهما . فبينا هما على  [ ص: 353 ] ذلك ، أصابت الذليلة من العزيزة قتيلا فقالت العزيزة : أعطونا مائة وسق ! فقالت الذليلة : وهل كان هذا قط في حيين دينهما واحد ، وبلدهما واحد ، دية بعضهم ضعف دية بعض ! إنما أعطيناكم هذا فرقا منكم وضيما ، فاجعلوا بيننا وبينكم محمدا  صلى الله عليه وسلم . فتراضيا على أن يجعلوا النبي صلى الله عليه وسلم بينهم . ثم إن العزيزة تذاكرت بينها ، فخشيت أن لا يعطيها النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابها ضعف ما تعطي أصحابها منها ، فدسوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إخوانهم من المنافقين ، فقالوا لهم : اخبروا لنا رأي محمد  صلى الله عليه وسلم ، فإن أعطانا ما نريد حكمناه ، وإن لم يعطنا حذرناه ولم نحكمه ! فذهب المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأعلم الله تعالى ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ما أرادوا من ذلك الأمر كله قال عبيد الله   : فأنزل الله تعالى ذكره فيهم : " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر   " ، هؤلاء الآيات كلهن ، حتى بلغ : " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه   " إلى"الفاسقون " قرأ عبيد الله ذلك آية آية ، وفسرها على ما أنزل ، حتى فرغ [ من ] تفسير ذلك لهم في الآيات . ثم قال : إنما عنى بذلك يهود ، وفيهم أنزلت هذه الصفة . 
وقال بعضهم : عنى ب"الكافرين " ، أهل الإسلام ، وب "الظالمين " اليهود ،  وب "الفاسقين " النصارى   . 
ذكر من قال ذلك : 
12038 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن زكريا ،  عن عامر  قال : نزلت "الكافرون " في المسلمين ، و"الظالمون " في اليهود ،  و"الفاسقون " في النصارى   . 
 [ ص: 354 ]  12039 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا ابن يمان ،  عن سفيان ،  عن ابن أبي السفر ،  عن الشعبي ،  قال : "الكافرون " ، في المسلمين ، و"الظالمون " في اليهود ،  و"الفاسقون " ، في النصارى   . 
12040 - حدثنا ابن وكيع  وأبو السائب  وواصل بن عبد الأعلى  قالوا : حدثنا ابن فضيل ،  عن ابن شبرمة ،  عن الشعبي  قال : آية فينا ، وآيتان في أهل الكتاب : "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " فينا ، وفيهم : "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون " ، و"الفاسقون " في أهل الكتاب  . 
12041 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن جابر ،  عن عامر ،  مثل حديث زكريا  عنه . 
12042 - حدثنا  محمد بن المثنى  قال ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث  قال ، حدثنا شعبة ،  عن ابن أبي السفر ،  عن الشعبي   : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : هذا في المسلمين " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون   " ، قال : النصارى . 
12043 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال ، حدثنا هشيم  قال ، أخبرنا زكريا بن أبي زائدة ،  عن الشعبي  قال ، في هؤلاء الآيات التي في"المائدة" : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : فينا أهل الإسلام " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون   " ، قال : في اليهود " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون   " ، قال : في النصارى . 
12044 - حدثنا  محمد بن بشار  قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي  قال ، حدثنا سفيان ،  عن زكريا بن أبي زائدة ،  عن الشعبي  في قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : نزلت الأولى في المسلمين ، والثانية في اليهود ،  والثالثة في النصارى   . 
 [ ص: 355 ]  12045 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا الثوري ،  عن زكريا ،  عن الشعبي ،  بنحوه . 
12046 - حدثنا هناد  قال ، حدثنا يعلى ،  عن زكريا ،  عن عامر ،  بنحوه . 
وقال آخرون : بل عنى بذلك : كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق . 
ذكر من قال ذلك : 
12047 - حدثنا  محمد بن بشار  قال ، حدثنا عبد الرحمن  قال ، حدثنا سفيان ،  عن  ابن جريج ،  عن عطاء  قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون   " ، " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون   " ، قال : كفر دون كفر ، وفسق دون فسق ، وظلم دون ظلم  . 
12048 - حدثنا ابن بشار  قال ، حدثنا عبد الرحمن  قال ، حدثنا حماد بن سلمة ،  عن أيوب ،  عن عطاء ،  مثله . 
12049 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا الحجاج  قال ، حدثنا حماد ،  عن أيوب بن أبي تميمة ،  عن عطاء بن أبي رباح ،  بنحوه . 
12050 - حدثنا  هناد بن السري  قال ، حدثنا  وكيع ،  عن سفيان ،  عن  ابن جريج ،  عن عطاء ،  بنحوه . 
12051 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان  ، عن  ابن جريج ،  عن عطاء ،  بنحوه . 
12052 - حدثنا هناد  قال ، حدثنا  وكيع  ، وحدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن سعيد المكي ،  عن طاوس   : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : ليس بكفر ينقل عن الملة  . 
12053 - حدثنا هناد  قال ، حدثنا  وكيع  ، وحدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن  معمر بن راشد ،  عن ابن طاوس ،  عن أبيه ، عن ابن  [ ص: 356 ] عباس   : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : هي به كفر ، وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله  . 
12054 - حدثني الحسن  قال ، حدثنا أبو أسامة ،  عن سفيان ،  عن معمر ،  عن ابن طاوس ،  عن أبيه قال : قال رجل  لابن عباس  في هذه الآيات : " ومن لم يحكم بما أنزل الله   " ، فمن فعل هذا فقد كفر ؟ قال ابن عباس   : إذا فعل ذلك فهو به كفر ، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر ، وبكذا وكذا . 
12055 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا معمر ،  عن ابن طاوس ،  عن أبيه قال : سئل ابن عباس  عن قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال هي به كفر قال : ابن طاوس   : وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله . 
12056 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا الثوري ،  عن رجل ، عن طاوس   : " فأولئك هم الكافرون " ، قال : كفر لا ينقل عن الملة قال وقال عطاء   : كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق  . 
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآيات في أهل الكتاب ، وهى مراد بها جميع الناس ، مسلموهم وكفارهم . 
ذكر من قال ذلك : 
12057 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا الثوري ،  عن منصور ،  عن إبراهيم  قال : نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل ، ورضي لهذه الأمة بها  . 
 [ ص: 357 ]  12058 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ،  عن منصور ،  عن إبراهيم   : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : نزلت في بني إسرائيل ، ورضي لكم بها  . 
12059 - حدثنا ابن بشار  قال ، حدثنا عبد الرحمن  قال ، حدثنا سفيان ،  عن منصور ،  عن إبراهيم  في هذه الآية : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : نزلت في بني إسرائيل ، ثم رضي بها لهؤلاء  . 
12060 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا  عمرو بن عون  قال ، أخبرنا هشيم ،  عن عوف ،  عن الحسن  في قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : نزلت في اليهود ،  وهي علينا واجبة  . 
12061 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال ، حدثنا هشيم  قال ، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ،  عن سلمة بن كهيل ،  عن علقمة  ومسروق   : أنهما سألا ابن مسعود  عن الرشوة ، فقال : من السحت . قال فقالا : أفي الحكم؟ قال : ذاك الكفر! ثم تلا هذه الآية : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " . 
12062 - حدثني محمد بن الحسين  قال ، حدثنا أحمد بن مفضل  قال ، حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : " ومن لم يحكم بما أنزل الله   " ، يقول : ومن لم يحكم بما أنزلت ، فتركه عمدا وجار وهو يعلم ، فهو من الكافرين  . 
وقال آخرون : معنى ذلك : ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به . فأما " الظلم " و" الفسق " ، فهو للمقر به . 
ذكر من قال ذلك : 
12063 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا عبد الله بن صالح  قال ، حدثني معاوية بن صالح ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس  قوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون   " ، قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر . ومن أقر به ولم يحكم ، فهو ظالم فاسق  . 
 [ ص: 358 ] قال أبو جعفر   : وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب ، قول من قال : نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب ، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت ، وهم المعنيون بها . وهذه الآيات سياق الخبر عنهم ، فكونها خبرا عنهم أولى .
فإن قال قائل : فإن الله تعالى ذكره قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله ، فكيف جعلته خاصا؟ 
قيل : إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين ، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم ، على سبيل ما تركوه ، كافرون . وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به ، هو بالله كافر ،  كما قال ابن عباس ،  لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه ، نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					