القول في تأويل قوله ( وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا    ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم : إن هذا الذي أطلعناك عليه من خفي أمور هؤلاء اليهود ، مما لا يعلمه إلا علماؤهم وأحبارهم ،  [ ص: 457 ] احتجاجا عليهم لصحة نبوتك ، وقطعا لعذر قائل منهم أن يقول : " ما جاءنا من بشير ولا نذير   " : " ليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا   " . يعني ب"الطغيان" : الغلو في إنكار ما قد علموا صحته من نبوة محمد  صلى الله عليه وسلم والتمادي في ذلك " وكفرا " ، يقول : ويزيدهم مع غلوهم في إنكار ذلك ، جحودهم عظمة الله ووصفهم إياه بغير صفته ، بأن ينسبوه إلى البخل ، ويقولوا : "يد الله مغلولة" . وإنما أعلم تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم أنهم أهل عتو وتمرد على ربهم ، وأنهم لا يذعنون لحق وإن علموا صحته ، ولكنهم يعاندونه ، يسلي بذلك نبيه محمدا  صلى الله عليه وسلم عن الموجدة بهم في ذهابهم عن الله ، وتكذيبهم إياه . 
وقد بينت معنى"الطغيان " فيما مضى بشواهده ، بما أغنى عن إعادته . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
12249 - حدثنا بشر  قال ، حدثنا يزيد  قال ، حدثنا سعيد  ، عن قتادة   : " وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا   " ، حملهم حسد محمد  صلى الله عليه وسلم والعرب على أن كفروا به ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم . 
 [ ص: 458 ] 
				
						
						
