[ ص: 98 ] القول في تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم    ) 
قال أبو جعفر   : ذكر أن هذه الآية أنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبب مسائل كان يسألها إياه أقوام ، امتحانا له أحيانا ، واستهزاء أحيانا . فيقول له بعضهم : " من أبي " ؟ ويقول له بعضهم إذا ضلت ناقته : " أين ناقتي " ؟ فقال لهم - تعالى ذكره - : لا تسألوا عن أشياء من ذلك كمسألة  عبد الله بن حذافة  إياه من أبوه " إن تبد لكم تسؤكم   " يقول : إن أبدينا لكم حقيقة ما تسألون عنه ، ساءكم إبداؤها وإظهارها . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك تظاهرت الأخبار عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . 
ذكر الرواية بذلك : 
12794 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا حفص بن بغيل  قال : حدثنا زهير بن معاوية  قال : حدثنا أبو الجويرية  قال : قال ابن عباس  لأعرابي من بني سليم   : هل تدري فيما أنزلت هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   " ؟ حتى فرغ من الآية ، فقال : كان قوم يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استهزاء ، فيقول الرجل : " من أبي " ؟ والرجل تضل ناقته فيقول : " أين ناقتي " ؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية  .  [ ص: 99 ] 
12795 - حدثني  محمد بن المثنى  قال : حدثنا أبو عامر  وأبو داود  قالا حدثنا هشام  ، عن قتادة  ، عن أنس  قال : سأل الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفوه بالمسألة ، فصعد المنبر ذات يوم ، فقال : " لا تسألوني عن شيء إلا بينت لكم! قال أنس   : فجعلت أنظر يمينا وشمالا فأرى كل إنسان لافا ثوبه يبكي ، فأنشأ رجل كان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه ، فقال : يا رسول الله ، من أبي؟ فقال : " أبوك حذافة " ! قال : فأنشأ عمر  فقال : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد   - صلى الله عليه وسلم - رسولا وأعوذ بالله من سوء الفتن! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لم أر الشر والخير كاليوم قط! إنه صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما وراء الحائط  ! وكان قتادة  يذكر هذا الحديث عند هذه الآية : " لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   " .  [ ص: 100 ] 
12796 - حدثني محمد بن معمر البحراني  قال : حدثنا روح بن عبادة  قال : حدثنا شعبة  قال : أخبرني موسى بن أنس  قال : سمعت أنسا  يقول ، قال رجل : يا رسول الله ، من أبي؟ قال : " أبوك فلان " ! قال : فنزلت : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   . 
12797 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا  يزيد بن زريع  قال : حدثنا سعيد  ، عن قتادة  في قوله : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم  ، قال : فحدثنا أن أنس بن مالك  حدثهم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه حتى أحفوه بالمسألة ، فخرج عليهم ذات يوم فصعد المنبر فقال : " لا تسألوني اليوم عن شيء إلا بينته لكم! فأشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه  [ ص: 101 ] وسلم أن يكون بين يديه أمر قد حضر ، فجعلت لا ألتفت يمينا ولا شمالا إلا وجدت كلا لافا رأسه في ثوبه يبكي . فأنشأ رجل كان يلاحى فيدعى إلى غير أبيه ، فقال : يا نبي الله ، من أبي؟ قال : " أبوك حذافة " ! قال : ثم قام عمر  أو قال : فأنشأ عمر  فقال : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد   - صلى الله عليه وسلم - رسولا عائذا بالله أو قال : أعوذ بالله من سوء الفتن! قال : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لم أر في الخير والشر كاليوم قط ، صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط  . 
12798 - حدثنا أحمد بن هشام   وسفيان بن وكيع  قالا حدثنا معاذ بن معاذ  قال : حدثنا ابن عون ،  قال : سألت عكرمة  مولى ابن عباس  عن قوله : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم  ، قال : ذاك يوم قام فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به! قال : فقام رجل ، فكره المسلمون مقامه يومئذ ، فقال : يا رسول الله ، من أبي؟ قال : أبوك حذافة ، قال : فنزلت هذه الآية  . 
12799 - حدثنا الحسين بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر  ، عن ابن طاوس  ، عن أبيه قال : نزلت : " لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   "  [ ص: 102 ] في رجل قال : يا رسول الله ، من أبي؟ قال : أبوك فلان  . 
12800 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني سفيان  ، عن معمر  ، عن قتادة  قال : سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أكثروا عليه ، فقام مغضبا خطيبا فقال : سلوني ، فوالله لا تسألوني عن شيء ما دمت في مقامي إلا حدثتكم! فقام رجل فقال : من أبي؟ قال : أبوك حذافة   . واشتد غضبه وقال : سلوني! فلما رأى الناس ذلك كثر بكاؤهم ، فجثا عمر  على ركبتيه فقال : رضينا بالله ربا ، قال معمر ،  قال الزهري ،  قال أنس  مثل ذلك : فجثا عمر  على ركبتيه فقال : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد   - صلى الله عليه وسلم - رسولا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما والذي نفسي بيده ، لقد صورت لي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط ، فلم أر كاليوم في الخير والشر قال الزهري :  فقالت أم عبد الله بن حذافة   : ما رأيت ولدا أعق منك قط! أتأمن أن تكون أمك قارفت ما قارف أهل الجاهلية فتفضحها على رءوس الناس!! فقال : والله لو ألحقني بعبد أسود للحقته . 
12801 - حدثني محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن مفضل  قال : حدثنا أسباط  ، عن  السدي   : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   " قال : غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما من الأيام ، فقام  [ ص: 103 ] خطيبا فقال : سلوني ، فإنكم لا تسألوني عن شيء إلا نبأتكم به! فقام إليه رجل من قريش ، من بني سهم ،  يقال له "  عبد الله بن حذافة   " وكان يطعن فيه ، قال : فقال : يا رسول الله ، من أبي؟ قال : أبوك فلان! فدعاه لأبيه . فقام إليه عمر  فقبل رجله وقال : يا رسول الله ، رضينا بالله ربا ، وبك نبيا ، وبالإسلام دينا ، وبالقرآن إماما ، فاعف عنا عفا الله عنك! فلم يزل به حتى رضي ، فيومئذ قال : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " . 
12802 - حدثني الحارث  قال : حدثنا عبد العزيز  قال : حدثنا قيس  ، عن أبي حصين  ، عن أبي صالح  ، عن  أبي هريرة  قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غضبان محمار وجهه! حتى جلس على المنبر ، فقام إليه رجل فقال : أين أبي؟ قال : في النار ، فقام آخر فقال : من أبي؟ قال : أبوك حذافة ! فقام  عمر بن الخطاب  فقال : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد   - صلى الله عليه وسلم - نبيا ، وبالقرآن إماما ، إنا يا رسول الله حديثو عهد بجاهلية وشرك ، والله يعلم من آباؤنا! قال : فسكن غضبه ، ونزلت : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   .  [ ص: 104 ] 
وقال آخرون : نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل مسألة سائل سأله عن شيء في أمر الحج . 
ذكر من قال ذلك : 
12803 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا منصور بن وردان الأسدي  قال : حدثنا علي بن عبد الأعلى  قال : لما نزلت هذه الآية : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا   ) [ سورة آل عمران : 97 ] ، قالوا : يا رسول الله ، أفي كل عام؟ فسكت . ثم قالوا : أفي كل عام؟ فسكت . ثم قال : لا ولو قلت : نعم لوجبت " ! فأنزل الله هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   .  [ ص: 105 ] 
12804 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان  ، عن إبراهيم بن مسلم الهجري  ، عن ابن عياض  ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،  " إن الله كتب عليكم الحج! فقال رجل : أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه ، حتى عاد مرتين أو ثلاثا ، فقال : من السائل؟ فقال : فلان! فقال : والذي نفسي بيده ، لو قلت " نعم " لوجبت ، ولو وجبت عليكم ما أطقتموه ، ولو تركتموه لكفرتم! فأنزل الله هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم  ، حتى ختم الآية . 
12805 - حدثني محمد بن علي بن الحسن بن شقيق  قال : سمعت أبي قال : أخبرنا الحسين بن واقد  ، عن محمد بن زياد  قال : سمعت  أبا هريرة  يقول : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا أيها الناس ، كتب الله عليكم  [ ص: 106 ] الحج . فقام محصن الأسدي  فقال : أفي كل عام ، يا رسول الله؟ فقال : " أما إني لو قلت " نعم " لوجبت ، ولو وجبت ثم تركتم لضللتم ، اسكتوا عني ما سكت عنكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم! فأنزل الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   " ، إلى آخر الآية .  [ ص: 107 ] 
12806 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا  يحيى بن واضح  قال : حدثنا الحسين بن واقد  ، عن محمد بن زياد  قال : سمعت  أبا هريرة  يقول : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر مثله ، إلا أنه قام : فقام  عكاشة بن محصن الأسدي   . 
12807 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصري  قال : حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر  قال : حدثنا أبو مطيع معاوية بن يحيى  ، عن صفوان  [ ص: 108 ] بن عمرو  قال : حدثني  سليم بن عامر  قال : سمعت أبا أمامة الباهلي  يقول : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فقال : كتب عليكم الحج! " فقام رجل من الأعراب فقال : أفي كل عام؟ قال : فغلق كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأسكت واستغضب ، فمكث طويلا ثم تكلم فقال : من السائل؟ فقال الأعرابي : أنا ذا! فقال : ويحك! ماذا يؤمنك أن قول " نعم " ولو قلت " نعم " لوجبت ، ولو وجبت لكفرتم! ألا إنه إنما أهلك الذين قبلكم أئمة الحرج ، والله لو أني أحللت لكم جميع ما في الأرض ، وحرمت عليكم منها موضع خف ، لوقعتم فيه! قال : فأنزل الله تعالى عند ذلك : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء   " ، إلى آخر الآية .  [ ص: 109 ] 
12808 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   " وذلك أن رسول الله أذن في الناس فقال : " يا قوم ، كتب عليكم الحج! " فقام رجل من بني أسد  فقال :  [ ص: 110 ] يا رسول الله ، أفي كل عام؟ فأغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضبا شديدا ، فقال : والذي نفس محمد  بيده ، لو قلت " نعم " لوجبت ، ولو وجبت ما استطعتم ، وإذا لكفرتم ، فاتركوني ما تركتكم ، فإذا أمرتكم بشيء فافعلوا ، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه! فأنزل الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " نهاهم أن يسألوا عن مثل الذي سألت النصارى  من المائدة ، فأصبحوا بها كافرين . فنهى الله تعالى عن ذلك وقال : لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظ ساءكم ذلك ، ولكن انتظروا ، فإذا نزل القرآن فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه  . 
12809 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية بن صالح  قال : حدثنا علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس  قوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم   " قال : لما أنزلت آية الحج ، نادى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الناس فقال : يا أيها الناس ، إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا . فقالوا : يا رسول الله ، أعاما واحدا أم كل عام؟ ، فقال : لا بل عاما واحدا ، ولو قلت " كل عام " لوجبت ، ولو وجبت لكفرتم . ثم قال الله - تعالى ذكره - : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   " ، قال : سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء ، فوعظهم فانتهوا . 
12810 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  ، عن عيسى  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم   " قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج ، فقيل :  [ ص: 111 ] أواجب هو يا رسول الله كل عام؟ قال : لا لو قلتها لوجبت ، ولو وجبت ما أطقتم ، ولو لم تطيقوا لكفرتم . ثم قال : سلوني ، فلا يسألني رجل في مجلسي هذا عن شيء إلا أخبرته ، وإن سألني عن أبيه! فقام إليه رجل فقال : من أبي؟ قال : أبوك حذافة بن قيس   . فقام عمر  فقال : يا رسول ، رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد   - صلى الله عليه وسلم - نبيا ، ونعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله  . 
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية من أجل أنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي . 
ذكر من قال ذلك : 
12811 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد  قال : حدثنا عتاب بن بشير  ، عن خصيف  ، عن مجاهد  ، عن ابن عباس   " لا تسألوا عن أشياء   " قال : هي البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ، ألا ترى أنه يقول بعد ذلك : " ما جعل الله من كذا ولا كذا قال : وأما عكرمة  فإنه قال : إنهم كانوا يسألونه عن الآيات ، فنهوا عن ذلك . ثم قال : " قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين " . قال : فقلت قد حدثني مجاهد  بخلاف هذا عن ابن عباس  ، فما لك تقول هذا؟ فقال : هيه . 
12812 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا  يزيد بن هارون  ، عن ابن عون  ،  [ ص: 112 ] عن عكرمة  قال : هو الذي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أبي وقال سعيد بن جبير   : هم الذين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البحيرة والسائبة . 
قال أبو جعفر   : وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ، قول من قال : نزلت هذه الآية من أجل إكثار السائلين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسائل ، كمسألة ابن حذافة  إياه من أبوه ، ومسألة سائله إذ قال : " الله فرض عليكم الحج " أفي كل عام؟ وما أشبه ذلك من المسائل ، لتظاهر الأخبار بذلك عن الصحابة والتابعين وعامة أهل التأويل . 
وأما القول الذي رواه مجاهد  عن ابن عباس  ، فقول غير بعيد من الصواب ، ولكن الأخبار المتظاهرة عن الصحابة والتابعين بخلافه ، وكرهنا القول به من أجل ذلك . على أنه غير مستنكر أن تكون المسألة عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام كانت فيما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه من المسائل التي كره الله لهم السؤال عنها ، كما كره الله لهم المسألة عن الحج : " أكل عام هو ، أم عاما واحدا " ؟ وكما كره  لعبد الله بن حذافة  مسألته عن أبيه ، فنزلت الآية بالنهي عن المسائل كلها ، فأخبر كل مخبر منهم ببعض ما نزلت الآية من أجله ، وأجل غيره . وهذا القول أولى الأقوال في ذلك عندي بالصحة ، لأن مخارج الأخبار بجميع المعاني التي ذكرت صحاح ، فتوجيهها إلى الصواب من وجوهها أولى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					