القول في تأويل قوله تعالى : ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا    )  [ ص: 502 ] 
اختلفت أهل التأويل في معنى الإمام الذي ذكر الله جل ثناؤه أنه يدعو كل أناس به ، فقال بعضهم : هو نبيه ، ومن كان يقتدى به في الدنيا ويؤتم به . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ،  قال : ثنا فضيل ،  عن ليث ،  عن مجاهد   ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم   ) قال : نبيهم  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا حكام ،  عن عنبسة ،  عن محمد بن عبد الرحمن ،  عن القاسم بن أبي بزة ،  عن مجاهد   ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم   ) قال : نبيهم  . 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   ( بإمامهم ) قال : نبيهم  . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد  مثله . 
حدثنا محمد ،  قال : ثنا محمد بن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة   ( كل أناس بإمامهم   ) قال : نبيهم  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قالا ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  مثله . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك أنه يدعوهم بكتب أعمالهم التي عملوها في الدنيا . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ،  في قوله ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم   ) قال : الإمام : ما عمل وأملى ، فكتب عليه ، فمن بعث متقيا لله جعل كتابه بيمينه ، فقرأه واستبشر ، ولم يظلم فتيلا وهو مثل قوله ( وإنهما لبإمام مبين   ) والإمام : ما أملى وعمل  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  عن الحسن   ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم   ) قال : بأعمالهم  . 
حدثنا محمد ،  قال : ثنا محمد بن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة ،  قال : قال الحسن   : بكتابهم الذي فيه أعمالهم .  [ ص: 503 ] 
حدثت عن الحسين ،  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : ثنا عبيد ،  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم   ) يقول : بكتابهم  . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن أبي جعفر ،  عن الربيع ،  عن أبي العالية ،  قال : بأعمالهم . 
وقال آخرون : بل معناه : يوم ندعو كل أناس بكتابهم الذي أنزلت عليهم فيه أمري ونهيي . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : سمعت يحيى بن زيد  في قول الله عز وجل ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم   ) قال : بكتابهم الذي أنزل عليهم فيه أمر الله ونهيه وفرائضه ، والذي عليه يحاسبون ، وقرأ ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا   ) قال : الشرعة : الدين ، والمنهاج : السنة ، وقرأ ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا   ) قال : فنوح أولهم ، وأنت آخرهم  . 
حدثني الحارث ،  قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم   ) بكتابهم  . 
وأولى هذه الأقوال عندنا بالصواب ، قول من قال : معنى ذلك : يوم ندعو كل أناس بإمامهم الذي كانوا يقتدون به ، ويأتمون به في الدنيا ، لأن الأغلب من استعمال العرب الإمام فيما اؤتم واقتدي به ، وتوجيه معاني كلام الله إلى الأشهر أولى ما لم تثبت حجة بخلافه يجب التسليم لها . 
وقوله ( فمن أوتي كتابه بيمينه   ) يقول : فمن أعطي كتاب عمله بيمينه   ( فأولئك يقرءون كتابهم   ) ذلك حتى يعرفوا جميع ما فيه ( ولا يظلمون فتيلا   ) يقول تعالى ذكره : ولا يظلمهم الله من جزاء أعمالهم فتيلا وهو المنفتل الذي في شق بطن النواة . وقد مضى البيان عن الفتيل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . 
حدثنا الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا معمر ،  عن قتادة ،  قوله ( ولا يظلمون فتيلا   ) قال : الذي في شق النواة  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					