القول في تأويل قوله تعالى : ( جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا    ( 61 ) ) 
يقول تعالى ذكره : فأولئك يدخلون الجنة ( جنات عدن ) وقوله : ( جنات عدن ) نصب ترجمة عن الجنة . ويعني بقوله ( جنات عدن ) بساتين إقامة . وقد بينت ذلك فيما مضى قبل بشواهده المغنية عن إعادته . 
وقوله ( التي وعد الرحمن عباده بالغيب   ) يقول : هذه الجنات هي الجنات التي وعد الرحمن عباده المؤمنين أن يدخلوها بالغيب ، لأنهم لم يروها ولم يعاينوها ، فهي غيب لهم . وقوله ( إنه كان وعده مأتيا   ) يقول تعالى ذكره : إن الله كان وعده ، ووعده في هذا الموضع موعوده ، وهو الجنة مأتيا يأتيه أولياؤه وأهل طاعته الذين يدخلهموها الله . وقال بعض نحويي الكوفة   : خرج الخبر على أن الوعد هو المأتي ، ومعناه : أنه هو الذي يأتي ، ولم يقل : وكان وعده آتيا ، لأن كل ما أتاك فأنت تأتيه ، وقال : ألا ترى أنك تقول : أتيت على خمسين سنة ، وأتت علي خمسون سنة ، وكل ذلك صواب ، وقد بينت القول فيه ، والهاء في قوله ( إنه ) من ذكر الرحمن . 
				
						
						
