القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى    ( 116 ) فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى   ( 117 ) ) 
يقول تعالى ذكره معلما نبيه محمدا  صلى الله عليه وسلم ما كان من تضييع آدم  عهده ، ومعرفه بذلك أن ولده لن يعدوا أن يكونوا في ذلك على منهاجه ، إلا من عصمه الله منهم ( و ) اذكر يا محمد   ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى   ) أن يسجد له ( فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك   ) ولذلك من شنآنه لم يسجد لك ، وخالف أمري في ذلك وعصاني ، فلا تطيعاه فيما يأمركما به ، فيخرجكما بمعصيتكما ربكما ، وطاعتكما له ( من الجنة فتشقى   ) يقول : فيكون عيشك من كد يدك ، فذلك شقاؤه الذي حذره ربه . 
كما حدثنا ابن حميد  قال : ثنا يعقوب  عن جعفر  ، عن سعيد  قال : أهبط إلى آدم  ثور أحمر ، فكان يحرث عليه ، ويمسح العرق من جبينه ، فهو الذي قال الله تعالى ذكره ( فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى   ) فكان ذلك شقاؤه ، وقال تعالى ذكره ( فتشقى ) ولم يقل : فتشقيا ، وقد قال : ( فلا يخرجنكما   ) لأن  [ ص: 386 ] ابتداء الخطاب من الله كان لآدم  عليه السلام ، فكان في إعلامه العقوبة على معصيته إياه فيما نهاه عنه من أكل الشجرة الكفاية من ذكر المرأة ، إذ كان معلوما أن حكمها في ذلك حكمه . كما قال ( عن اليمين وعن الشمال قعيد   ) اجتزئ بمعرفة السامعين معناه من ذكر فعل صاحبه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					