القول في تأويل قوله تعالى : ( إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم    ( 23 ) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون   ( 24 ) ) 
يقول تعالى مخبرا عن قيل الهدهد لسليمان  مخبرا بعذره في مغيبه عنه : ( إني وجدت امرأة تملكهم   ) يعني تملك سبأ  ، وإنما صار هذا الخبر للهدهد عذرا وحجة عند سليمان  ، درأ به عنه ما كان أوعد به ; لأن سليمان  كان لا يرى أن في الأرض أحدا له مملكة معه ، وكان مع ذلك صلى الله عليه وسلم رجلا حبب إليه الجهاد والغزو ، فلما دله الهدهد على ملك بموضع من الأرض هو لغيره ، وقوم كفرة يعبدون غير الله ، له في جهادهم وغزوهم الأجر الجزيل ، والثواب العظيم في الآجل ، وضم مملكة لغيره إلى ملكه ، حقت للهدهد المعذرة ، وصحت له الحجة في مغيبه عن سليمان   . 
وقوله : ( وأوتيت من كل شيء   ) يقول : وأوتيت من كل شيء يؤتاه الملك في عاجل الدنيا مما يكون عندهم من العتاد والآلة . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  [ ص: 447 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا القاسم  ، قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني حجاج  ، عن أبي عبيدة  الباجي ، عن الحسن  ، قوله : ( وأوتيت من كل شيء   ) يعني : من كل أمر الدنيا . 
وقوله ( ولها عرش عظيم   ) يقول : ولها كرسي عظيم . وعني بالعظيم في هذا الموضع : العظيم في قدره ، وعظم خطره ، لا عظمه في الكبر والسعة . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا القاسم  ، قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني حجاج  ، عن  ابن جريج  ، عن  عطاء الخراساني  ، عن ابن عباس  ، قوله : ( ولها عرش عظيم   ) قال : سرير كريم ، قال : حسن الصنعة ، وعرشها : سرير من ذهب قوائمه من جوهر ولؤلؤ . 
قال : ثني حجاج  ، عن أبي عبيدة  الباجي ، عن الحسن  قوله : ( ولها عرش عظيم   ) يعني سرير عظيم . 
وقوله : ( وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله   ) يقول : وجدت هذه المرأة ملكة سبأ  ، وقومها من سبأ  ، يسجدون للشمس فيعبدونها من دون الله . وقوله : ( وزين لهم الشيطان أعمالهم   ) يقول : وحسن لهم إبليس  عبادتهم الشمس ، وسجودهم لها من دون الله ، وحبب ذلك إليهم ( فصدهم عن السبيل   ) يقول : فمنعهم بتزيينه ذلك لهم أن يتبعوا الطريق المستقيم ، وهو دين الله الذي بعث به أنبياءه ، ومعناه : فصدهم عن سبيل الحق ( فهم لا يهتدون   ) يقول : فهم لما قد زين لهم الشيطان ما زين من السجود للشمس من دون الله والكفر به لا يهتدون لسبيل الحق ولا يسلكونه ، ولكنهم في ضلالهم الذي هم فيه يترددون . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					