القول في تأويل قوله تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور    ( 33 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : أيها المشركون من قريش ،  اتقوا الله ، وخافوا أن يحل بكم سخطه في يوم لا يغني والد عن ولده ، ولا مولود هو مغن عن والده شيئا ؛ لأن الأمر يصير هنالك بيد من لا يغالب ، ولا تنفع عنده الشفاعة والوسائل ، إلا وسيلة من صالح الأعمال التي أسلفها في الدنيا . وقوله : ( إن وعد الله حق   ) يقول : اعلموا أن مجيء هذا اليوم حق ، وذلك أن الله قد وعد عباده ولا خلف لوعده ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا   ) يقول : فلا تخدعنكم زينة الحياة الدنيا ولذاتها ، فتميلوا إليها ، وتدعوا الاستعداد لما فيه خلاصكم من عقاب الله ذلك اليوم . وقوله : ( ولا يغرنكم بالله الغرور   ) يقول : ولا يخدعنكم بالله خادع . والغرور بفتح الغين : هو ما غر الإنسان من شيء كائنا ما كان شيطانا كان أو إنسانا ، أو دنيا ، وأما الغرور بضم الغين : فهو مصدر من قول القائل : غررته غرورا . 
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( ولا يغرنكم بالله الغرور   ) قال أهل التأويل .  [ ص: 159 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى ،  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  قوله : ( الغرور ) قال : الشيطان . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : ( ولا يغرنكم بالله الغرور   ) ذاكم الشيطان . 
حدثت عن الحسين  قال : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد المروزي ،  يقول : أخبرنا عبيد  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله : ( الغرور ) قال : الشيطان . 
وكان بعضهم يتأول الغرور بما حدثنا ابن حميد  قال : ثنا ابن المبارك ،  عن ابن لهيعة ،  عن عطاء بن دينار ،  عن سعيد بن جبير  قوله : ( ولا يغرنكم بالله الغرور   ) قال : أن تعمل بالمعصية وتتمنى المغفرة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					