القول في تأويل قوله تعالى : ( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون    ( 13 ) إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون   ( 14 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : ومثل يا محمد  لمشركي قومك مثلا أصحاب القرية ،  [ ص: 500 ] ذكر أنها أنطاكية   ( إذ جاءها المرسلون   ) اختلف أهل العلم في هؤلاء الرسل ، وفيمن كان أرسلهم إلى أصحاب القرية فقال بعضهم : كانوا رسل عيسى ابن مريم ،  وعيسى  الذي أرسلهم إليهم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث   ) قال : ذكر لنا أن عيسى ابن مريم  بعث رجلين من الحواريين إلى أنطاكية   - مدينة بالروم - فكذبوهما فأعزهما بثالث ( فقالوا إنا إليكم مرسلون   )  . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا يحيى  وعبد الرحمن ،  قالا ثنا سفيان  قال : ثني  السدي ،  عن عكرمة   ( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية   ) قال : أنطاكية   . 
وقال آخرون : بل كانوا رسلا أرسلهم الله إليهم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا سلمة  قال : ثنا ابن إسحاق  فيما بلغه ، عن ابن عباس ،  وعن كعب الأحبار ،  وعن  وهب بن منبه  قال : كان بمدينة أنطاكية ،  فرعون من الفراعنة يقال له أبطيحس بن أبطيحس  يعبد الأصنام صاحب شرك ، فبعث الله المرسلين ، وهم ثلاثة : صادق ،  ومصدوق ،  وسلوم ،  فقدم إليه وإلى أهل مدينته منهم اثنان فكذبوهما ، ثم عزز الله بثالث ، فلما دعته الرسل ونادته بأمر الله ، وصدعت بالذي أمرت به ، وعابت دينه ، وما هم عليه ، قال لهم ( إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم   ) 
وقوله ( إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث   ) يقول - تعالى ذكره - : حين أرسلنا إليهم اثنين يدعوانهم إلى الله فكذبوهما فشددناهما بثالث ، وقويناهما به . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل  [ ص: 501 ]  . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى ;  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  قوله ( فعززنا بثالث ) قال : شددنا  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا حكام ،  عن عنبسة ،  عن محمد بن عبد الرحمن ،  عن القاسم بن أبي بزة ،  عن مجاهد  في قوله ( فعززنا بثالث ) قال : زدنا  . 
حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( فعززنا بثالث ) قال : جعلناهم ثلاثة قال : ذلك التعزز قال : والتعزز : القوة  . 
وقوله ( فقالوا إنا إليكم مرسلون   ) يقول : فقال المرسلون الثلاثة لأصحاب القرية : إنا إليكم أيها القوم مرسلون ، بأن تخلصوا العبادة لله وحده ، لا شريك له ، وتتبرءوا مما تعبدون من الآلهة والأصنام . 
وبالتشديد في قوله ( فعززنا ) قرأت القراء سوى عاصم ، فإنه قرأه بالتخفيف ، والقراءة عندنا بالتشديد ، لإجماع الحجة من القراء عليه ، وأن معناه ، إذا شدد : فقوينا ، وإذا خفف : فغلبنا ، وليس لغلبنا في هذا الموضع كثير معنى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					