القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد مننا على موسى وهارون    ( 114 ) ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم   ( 115 ) ونصرناهم فكانوا هم الغالبين   ( 116 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : ولقد تفضلنا على موسى  وهارون  ابني عمران ،  فجعلناهما نبيين ، ونجيناهما وقومهما من الغم والمكروه العظيم الذي كانوا فيه من عبودة آل فرعون ،  ومما أهلكنا به فرعون  وقومه من الغرق . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد بن الحسين  قال : ثنا أحمد بن المفضل  قال : ثنا أسباط ،  عن  السدي ،  في قوله ( ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم    ) قال : من الغرق  . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم   ) : أي من آل فرعون  . 
وقوله ( ونصرناهم ) يقول : ونصرنا موسى  وهارون  وقومهما على فرعون  وآله بتغريقناهم ، ( فكانوا هم الغالبين   ) لهم . 
وقال بعض أهل العربية : إنما أريد بالهاء والميم في قوله ( ونصرناهم ) موسى  وهارون ،  ولكنها أخرجت على مخرج مكني الجمع ، لأن العرب تذهب بالرئيس  [ ص: 94 ] كالنبي والأمير وشبه إلى الجمع بجنوده وأتباعه ، وإلى التوحيد لأنه واحد في الأصل ، ومثله : ( على خوف من فرعون وملئهم   ) وفي موضع آخر : وملئه قال : وربما ذهبت العرب بالاثنين إلى الجمع كما تذهب بالواحد إلى الجمع ، فتخاطب الرجل ، فتقول : ما أحسنتم ولا أجملتم ، وإنما تريده بعينه ، وهذا القول الذي قاله هذا الذي حكينا قوله في قوله ( ونصرناهم ) وإن كان قولا غير مدفوع ، فإنه لا حاجة بنا إلى الاحتيال به لقوله ( ونصرناهم ) لأن الله أتبع ذلك قوله ( ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم   ) ثم قال : ( ونصرناهم ) يعني : هما وقومهما ، لأن فرعون  وقومه كانوا أعداء لجميع بني إسرائيل ،  قد استضعفوهم ، يذبحون أبناءهم ، ويستحيون نساءهم ، فنصرهم الله عليهم ، بأن غرقهم ونجى الآخرين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					