[ ص: 275 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار    ( 19 ) لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد   ( 20 ) ) 
يعني - تعالى ذكره - بقوله : ( أفمن حق عليه كلمة العذاب   ) : أفمن وجبت عليه كلمة العذاب في سابق علم ربك يا محمد  بكفره به . 
كما حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : ( أفمن حق عليه كلمة العذاب   ) بكفره  . 
وقوله : ( أفأنت تنقذ من في النار   ) يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - : أفأنت تنقذ يا محمد  من هو في النار من حق عليه كلمة العذاب  ، فأنت تنقذه ، فاستغنى بقوله : ( تنقذ من في النار ) عن هذا . وكان بعض نحويي الكوفة  يقول : هذا مما يراد به استفهام واحد ، فيسبق الاستفهام إلى غير موضعه ، فيرد الاستفهام إلى موضعه الذي هو له . وإنما المعنى والله أعلم : أفأنت تنقذ من في النار من حقت عليه كلمة العذاب . قال : ومثله من غير الاستفهام : ( أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون   ) فردد " أنكم " مرتين . والمعنى والله أعلم : أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم ، ومثله قوله : ( لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب   ) وكان بعضهم يستخطئ القول الذي حكيناه عن البصريين ، ويقول : لا تكون في قوله : ( أفأنت تنقذ من في النار   ) - كناية عمن تقدم ، لا يقال : القوم ضربت من قام ، يقول : المعنى : ألتجزئة أفأنت تنقذ من في النار منهم . وإنما معنى الكلمة : أفأنت تهدي يا محمد  من قد سبق له في علم الله أنه من أهل النار إلى الإيمان ، فتنقذه من النار بالإيمان ؟ لست على ذلك بقادر . 
وقوله : ( لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية   ) يقول - تعالى ذكره - : لكن الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه واجتناب محارمه  ، لهم في الجنة غرف من فوقها  [ ص: 276 ] غرف مبنية علالي بعضها فوق بعض ( تجري من تحتها الأنهار   ) يقول - تعالى ذكره - : تجري من تحت أشجار جناتها الأنهار . 
وقوله : ( وعد الله ) يقول - جل ثناؤه - : وعدنا هذه الغرف التي من فوقها غرف مبنية في الجنة - هؤلاء المتقين ( لا يخلف الله الميعاد   ) يقول - جل ثناؤه - : والله لا يخلفهم وعده ، ولكنه يوفي بوعده . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					