القول في تأويل قوله تعالى : ( قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون    ( 50 ) فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين   ( 51 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : قد قال هذه المقالة يعني قولهم : لنعمة الله التي خولهم وهم مشركون : أوتيناه على علم عندنا ( الذين من قبلهم ) يعني : الذين من قبل مشركي قريش من الأمم الخالية لرسلها ؛ تكذيبا منهم لهم ، واستهزاء بهم . وقوله . ( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون   ) يقول : فلم يغن عنهم حين أتاهم بأس الله - على تكذيبهم رسل الله واستهزائهم بهم - ما كانوا يكسبون من الأعمال ، وذلك عبادتهم الأوثان . يقول : لم تنفعهم خدمتهم إياها ، ولم تشفع آلهتهم لهم عند الله حينئذ ، ولكنها أسلمتهم وتبرأت منهم . وقوله : ( فأصابهم سيئات ما كسبوا   ) يقول : فأصاب الذين قالوا هذه المقالة من الأمم الخالية وبال سيئات ما كسبوا من الأعمال ، فعوجلوا بالخزي في دار الدنيا ، وذلك كقارون الذي  [ ص: 305 ] قال حين وعظ ( إنما أوتيته على علم عندي   ) فخسف الله به وبداره الأرض ( فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين   ) يقول الله - عز و - جل ثناؤه - - : ( والذين ظلموا من هؤلاء   ) يقول لنبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - : والذين كفروا بالله يا محمد  من قومك ، وظلموا أنفسهم وقالوا هذه المقالة سيصيبهم أيضا وبال ( سيئات ما كسبوا   ) كما أصاب الذين من قبلهم بقيلهموها ( وما هم بمعجزين   ) يقول : وما يفوتون ربهم ولا يسبقونه هربا في الأرض من عذابه إذا نزل بهم ، ولكنه يصيبهم ( سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا   ) ففعل ذلك بهم ، فأحل بهم خزيه في عاجل الدنيا فقتلهم بالسيف يوم بدر . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد بن الحسين  قال : ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( قد قالها الذين من قبلهم   ) الأمم الماضية ( والذين ظلموا   ) من هؤلاء ، قال : من أمة محمد   - صلى الله عليه وسلم -  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					