القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون    ( 30 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : ( إن الذين قالوا ربنا الله   ) وحده لا شريك له ، ويرثوا من الآلهة والأنداد ، ( ثم استقاموا   ) على توحيد الله ، ولم يخلطوا توحيد الله بشرك غيره به ، وانتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقاله أهل التأويل على اختلاف منهم ، في معنى قوله : ( ثم استقاموا   ) ذكر الخبر بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . 
حدثنا عمرو بن علي  قال : ثنا سالم بن قتيبة أبو قتيبة  قال : ثنا  [ ص: 464 ] سهيل بن أبي حزم القطعي  ، عن ثابت البناني  ، عن أنس بن مالك  ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : " قد قالها الناس ، ثم كفر أكثرهم ، فمن مات عليها فهو ممن استقام " . 
وقال بعضهم : معناه : ولم يشركوا به شيئا . ولكن تموا على التوحيد . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن بشار   . قال : ثنا عبد الرحمن  قال : ثنا سفيان  ، عن أبي إسحاق  ، عن عامر بن سعد  ، عن سعيد بن عمران  قال : قد قرأت عند  أبي بكر الصديق  رضي الله عنه هذه الآية : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : هم الذين لم يشركوا بالله شيئا . 
حدثنا ابن وكيع   . قال : ثنا أبي ، عن سفيان  بإسناده ، عن  أبي بكر الصديق  رضي الله عنه ، مثله . 
قال ثنا جرير بن عبد الحميد   .  وعبد الله بن إدريس  عن الشيباني  ، عن أبي بكر بن أبي موسى  ، عن الأسود بن هلال  ، عن أبي بكر  رضي الله عنه أنه قال لأصحابه ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : قالوا : ربنا الله ثم عملوا بها ، قال : لقد حملتموها على غير المحمل ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) الذين لم يعدلوها بشرك ولا غيره . 
حدثنا أبوكريب  وأبو السائب  قالا ثنا إدريس  قال : أخبرنا الشيباني  ، عن أبي بكر بن أبي موسى  ، عن الأسود بن هلال المحاربي  قال : قال أبو بكر   : ما تقولون في هذه الآية : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : ربنا الله ثم استقاموا من ذنب ، قال : فقال أبو بكر   : لقد حملتم على غير المحمل ، قالوا : ربنا الله ثم استقاموا فلم يلتفتوا إلى إله غيره . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا حكام  ، عن عنبسة  ، عن ليث  ، عن مجاهد   ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : أي على : لا إله إلا الله .  [ ص: 465 ] 
قال : ثنا حكام عن عمرو  ، عن منصور  ، عن مجاهد   ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : أسلموا ثم لم يشركوا به حتى لحقوا به . 
قال : ثنا حكام عن عمرو  ، عن منصور  ، عن مجاهد  قوله ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : أسلموا ثم لم يشركوا به حتى لحقوا به . 
قال : ثنا حكام  قال : ثنا عمرو  ، عن منصور  ، عن جامع بن شداد  ، عن الأسود بن هلال  مثل ذلك . 
حدثنا محمد  قال : ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : تموا على ذلك . 
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم  قال : ثنا حفص بن عمر  قال : ثنا الحكم بن أبان  ، عن عكرمة  قوله : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله  . 
وقال آخرون : معنى ذلك : ثم استقاموا على طاعته . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا أحمد بن منيع  قال : ثناعبد الله بن المبارك  قال : ثنا  يونس بن يزيد  عن الزهري  قال : تلا عمر  رضي الله عنه على المنبر : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : استقاموا والله بطاعته ، ولم يروغوا روغان الثعلب  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا محمد بن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال استقاموا على طاعة الله  . وكان الحسن  إذا تلاها قال : اللهم فأنت ربنا فارزقنا الاستقامة . 
حدثني علي  قال : ثنا عبد الله  قال : ثني معاوية  ، عن علي  ، عن ابن عباس  قوله : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) يقول : على أداء فرائضه . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  ، في قوله :  [ ص: 466 ]  ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا   ) قال : على عبادة الله وعلى طاعته . 
وقوله : ( تتنزل عليهم الملائكة   ) يقول : تتهبط عليهم الملائكة عند نزول الموت بهم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا حكام  ، عن عنبسة  ، عن محمد بن عبد الرحمن  ، عن القاسم بن أبي بزة  ، عن مجاهد  ، في قوله : ( تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا   ) قال : عند الموت . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  ، وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  ، مثله . 
حدثنا محمد  قال : ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( تتنزل عليهم الملائكة   ) قال : عند الموت . 
وقوله : ( ألا تخافوا ولا تحزنوا   ) يقول : تتنزل عليهم الملائكة بأن لا تخافوا ولا تحزنوا؛ فأن في موضع نصب إذا كان ذلك معناه . 
وقد ذكر عن عبد الله  أنه كان يقرأ ذلك " تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا " بمعنى : تتنزل عليهم قائلة : لا تخافوا ، ولا تحزنوا . وعنى بقوله : ( ألا تخافوا ) ما تقدمون عليه من بعد مماتكم ( ولا تحزنوا ) على ما تخلفونه وراءكم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد  قال : ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( ألا تخافوا ولا تحزنوا   )  [ ص: 467 ] قال لا تخافوا ما أمامكم ، ولا تحزنوا على ما بعدكم . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا  يحيى بن حسان  ، عن  مسلم بن خالد  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  قوله : ( تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا   ) قال : لا تخافوا ما تقدمون عليه من أمر الآخرة ، ولا تحزنوا على ما خلفتم من دنياكم من أهل وولد ، فإنا نخلفكم في ذلك كله . 
وقيل : إن ذلك في الآخرة . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني علي  قال : ثنا أبو صالح  قال : ثني معاوية  ، عن علي  ، عن ابن عباس  قوله : ( تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة   ) فذلك في الآخرة . 
وقوله : ( وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون   ) يقول : وسروا بأن لكم في الآخرة الجنة التي كنتم توعدونها في الدنيا على إيمانكم بالله ، واستقامتكم على طاعته . 
كما حدثنا محمد  قال : ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون   ) في الدنيا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					