القول في تأويل قوله تعالى : ( الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب    ( 17 ) يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد   ( 18 ) )  [ ص: 520 ] 
يقول - تعالى ذكره - : ( الله الذي أنزل   ) هذا ( الكتاب ) يعني القرآن ( بالحق والميزان   ) يقول : وأنزل الميزان وهو العدل ، ليقضي بين الناس بالإنصاف ، ويحكم فيهم بحكم الله الذي أمر به في كتابه . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  ؛ وحدثنا الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  قوله : ( أنزل الكتاب بالحق والميزان   ) قال : العدل  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة  ، في قوله : ( الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان   ) قال : الميزان : العدل  . 
وقوله : ( وما يدريك لعل الساعة قريب   ) يقول - تعالى ذكره - : وأي شيء يدريك ويعلمك ، لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريب ( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها   ) : يقول : يستعجلك يا محمد بمجيئها الذين لا يوقنون بمجيئها ، ظنا منهم أنها غير جائية ( والذين آمنوا مشفقون منها   ) يقول : والذين صدقوا بمجيئها ، ووعد الله إياهم الحشر فيها ، ( مشفقون منها   ) يقول : وجلون من مجيئها ، خائفون من قيامها ، لأنهم لا يدرون ما الله فاعل بهم فيها ( ويعلمون أنها الحق   ) يقول : ويوقنون أن مجيئها الحق اليقين ، لا يمترون في مجيئها ( ألا إن الذين يمارون في الساعة   ) يقول - تعالى ذكره - : ألا إن الذين يخاصمون في قيام الساعة ويجادلون فيه ( لفي ضلال بعيد   ) يقول : لفي جور عن طريق الهدى ، وزيغ عن سبيل الحق والرشاد ، بعيد من الصواب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					