[ ص: 545 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون    ( 37 ) والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون   ( 38 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : وما عند الله للذين آمنوا ( والذين يجتنبون كبائر الإثم   ) ، وكبائر فواحش الإثم ، قد بينا اختلاف أهل التأويل فيها وبينا الصواب من القول عندنا فيها فى سورة النساء ، فأغنى ذلك عن إعادته ها هنا . ( والفواحش ) قيل : إنها الزنى . 
ذكر من قال ذلك : 
محمد  قال : ثنا أحمد  قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( والفواحش ) قال : الفواحش : الزنى  . 
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( كبائر الإثم   ) فقرأته عامة قراء المدينة  على الجماع كذلك في النجم ، وقرأته عامة قراء الكوفة   " كبير الإثم " على التوحيد فيهما جميعا؛ وكأن من قرأ ذلك كذلك ، عنى بكبير الإثم الشرك ، كما كان الفراء  يقول : كأني أستحب لمن قرأ كبائر الإثم أن يخفض الفواحش ، لتكون الكبائر مضافة إلى مجموع إذ كانت جمعا ، وقال : ما سمعت أحدا من القراء خفض الفواحش  . 
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء على تقارب معنييهما ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . 
وقوله : ( وإذا ما غضبوا هم يغفرون   ) يقول - تعالى ذكره - : وإذا ما غضبوا على من اجترم إليهم جرما ، هم يغفرون لمن أجرم إليهم ذنبه ، ويصفحون عنه عقوبة ذنبه . 
وقوله : ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة   ) يقول - تعالى ذكره - :  [ ص: 546 ] والذين أجابوا لربهم حين دعاهم إلى توحيده ، والإقرار بوحدانيته  والبراءة من عبادة كل ما يعبد دونه ( وأقاموا الصلاة   ) المفروضة بحدودها في أوقاتها . 
وكان ابن زيد  يقول : عنى بقوله : ( والذين استجابوا لربهم   ) . . . الآية الأنصار   . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  ، وقرأ  [ ص: 547 ]  ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون   ) قال : فبدأ بهم ( والذين استجابوا لربهم   ) الأنصار ( وأقاموا الصلاة   ) وليس فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وأمرهم شورى بينهم   ) ليس فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					