القول في تأويل قوله تعالى : ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون    ( 13 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : ( وسخر لكم ما في السماوات   ) من شمس وقمر ونجوم ( وما في الأرض   ) من دابة وشجر وجبل وجماد وسفن لمنافعكم ومصالحكم ( جميعا منه   ) . يقول - تعالى ذكره - : جميع ما ذكرت لكم أيها الناس من هذه النعم ، نعم عليكم من الله أنعم بها عليكم ، وفضل منه تفضل به عليكم ، فإياه فاحمدوا لا غيره ؛ لأنه لم يشركه في إنعام هذه النعم عليكم شريك ، بل تفرد بإنعامها عليكم ، وجميعها منه ، ومن نعمه فلا تجعلوا له في شكركم له شريكا ، بل أفردوه بالشكر والعبادة ، وأخلصوا له الألوهة ، فإنه لا إله لكم سواه . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه   ) يقول : كل شيء هو من الله ، وذلك الاسم فيه اسم من أسمائه ، فذلك جميعا منه ، ولا ينازعه فيه المنازعون ، واستيقن أنه كذلك . 
وقوله ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون   ) يقول - تعالى ذكره - : إن في  [ ص: 66 ] تسخير الله لكم ما أنبأكم أيها الناس أنه سخره لكم فى هاتين الآيتين ( لآيات ) يقول : لعلامات ودلالات على أنه لا إله لكم غيره ، الذي أنعم عليكم هذه النعم ، وسخر لكم هذه الأشياء التي لا يقدر على تسخيرها غيره لقوم يتفكرون في آيات الله وحججه وأدلته ، فيعتبرون بها ويتعظون إذا تدبروها ، وفكروا فيها . 
				
						
						
